طوّر فريق بحثي دولي مواد كهروحرارية جديدة عالية الكفاءة، قادرة على منافسة المركبات الحديثة، من شأنها أن توفّر استقراراً أعلى وتكلفة إنتاج أقل بصفة ملحوظة.

إنتاج مواد كهروحرارية جديدة

ونجح الفريق البحثي في تطوير مواد هجينة تعمل في الوقت نفسه على كبح اهتزازات الشبكة وتعزيز حركة حاملات الشحنة من خلال اتباع نهج جديد.

ويكمن الابتكار في الجمع بين مادتَيْن لهما خصائص ميكانيكية مختلفة جوهرياً، لكنهما تتشابهان في خصائصهما الإلكترونية.

ويقود الفريق البحثي الدكتور فابيان غارمرودي، الحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة فيينا التقنية، ويعمل حاليًا زميلًا لما بعد الدكتوراه في مختبر لوس ألاموس الوطني الأميركي.

عيوب المواد الكهروحرارية

تُتيح المواد الكهروحرارية التحويل المباشر للحرارة إلى طاقة كهربائية ما يجعلها جذابة بصفة خاصة لتوفير الطاقة المستقلة لأجهزة الاستشعار الدقيقة، وغيرها من المكونات الإلكترونية الدقيقة.

ولتحسين كفاءتها، من الضروري كبح انتقال الحرارة عبر اهتزازات الشبكة وزيادة حركة الإلكترونات في الوقت نفسه، وهي عقبة لطالما عاقت التقدم في هذا المجال حتى الآن.

وتحتاج المواد الكهروحرارية الفاعلة الرقائق الإلكترونية في الحالة الصلبة التي تُحوّل الحرارة إلى طاقة كهربائية إلى توصيل كهربائي بكفاءة مع تقليل انتقال الحرارة.

إلا أن هذا يُمثّل تحدياً بحد ذاته لأن المواد الموصلة للكهرباء جيداً عادةً ما تُوصل الحرارة بفاعلية أيضاً.

فقد أكد الباحثون أن المواد الكهروحرارية الجيدة هي تلك التي توصل الكهرباء جيداً من جهة، لكنها تنقل الحرارة بأضعف ما يمكن من جهة أخرى، وهو تناقض واضح، فالموصلات الكهربائية الجيدة عادةً ما تكون أيضاً موصلات جيدة للحرارة، بحسب ما نقلته منصة “إنترستنيغ إنجينيرينغ” (Interesting Engineering).

وقال الباحث الرئيس، فابيان غارمرودي: “في المواد الصلبة، تنتقل الحرارة بوساطة كل من حاملات الشحنة المتحركة واهتزازات الذرات في الشبكة البلورية.. أما في المواد الكهروحرارية فنحاول بصورة رئيسة كبح انتقال الحرارة عبر اهتزازات الشبكة، لأنها لا تُسهم في تحويل الطاقة”.

وتذكّر غارمرودي تجربته البحثية في مدينة تسوكوبا اليابانية، التي أكملها جزءاً من عمله في جامعة فيينا التقنية، قائلاً: “بفضل جائزة ليونز، تمكّنتُ من تطوير مواد هجينة جديدة في المعهد الوطني لعلوم المواد في اليابان، تتميّز بخصائص كهروحرارية استثنائية”.

مواد هجينة لتوصيل الكهرباء

نُشرت الدراسة في مجلة نيتشر (Nature)، وتُظهر أنه من خلال دمج عازل نموذجي متميز كيميائيًا وبنيويًا عند حدود الحبيبات، يُمكن فصل الشحنة ونقل الحرارة، “ما يؤدي إلى انخفاض التوصيل الحراري للشبكة، وفي الوقت نفسه، زيادة غير متوقعة للطاقة”.

وعلى وجه التحديد، خُلط مسحوق سبيكة من الحديد والفاناديوم والتنتالوم والألومنيوم، مع مسحوق من البزموت والأنتيمون، لتكوين مادة مضغوطة تحت ضغط ودرجة حرارة عاليتَيْن.

ولكن نظراً إلى اختلاف خصائصهما الكيميائية والميكانيكية، لم تمتزج المادتان على المستوى الذري وبدلاً من ذلك، تراكم مكون البزموت والأنتيمون بصورة انتقائية عند السطوح البينية الميكرومترية بين بلورات السبيكة.

وأكد الباحثون أن البنية الشبكية للمادتَيْن، وبالتالي اهتزازاتهما الشبكية المسموح بها ميكانيكيًا، مختلفة تمامًا لدرجة أن الاهتزازات الحرارية لا يُمكن نقلها ببساطة من بلورة إلى أخرى؛ ما يحدّ بصورة كبيرة من انتقال الحرارة عند سطوحهما البينية.

وفي الوقت نفسه، تبقى حركة حاملات الشحنة دون عوائق نظراً إلى تشابه البنية الإلكترونية، بل تتسارع بصفة ملحوظة على طول السطوح البينية.

والسبب هو تشكيل ما يُسمى “طور العازل الطوبولوجي”، وهو فئة خاصة من المواد الكمية التي تكون عازلة من الداخل، ولكنها تُتيح نقل الشحنة دون أي فقدان تقريبًا على السطح.

وأضاف الباحثون أن الفصل المستهدف بين الحرارة ونقل الشحنة، مكّن الفريق من زيادة كفاءة المادة بأكثر من 100 بالمئة.

وقال غارمرودي: “هذا يُقرّبنا خطوة كبيرة نحو هدفنا المتمثل في تطوير مادة كهروحرارية قادرة على منافسة المركبات المتوفرة تجاريًا والمعتمدة على تيلورايد البزموت”.

وقد طُوِّرت تيلورايد البزموت في خمسينيات القرن الماضي، وما تزال تُعد المعيار الذهبي للمواد الكهروحرارية حتى اليوم؛ ولكن الميزة الكبرى للمواد الهجينة الجديدة هي أنها أكثر استقرارًا بكثير وأقل تكلفة.

المصدر: مواقع إلكترونية

اقرأ أيضاً…مادة أسمنتية جديدة تحول الحرارة إلى كهرباء وتخزنها

صفحتنا على فيس بوك