
مادة أسمنتية جديدة تحول الحرارة إلى كهرباء وتخزنها
توصّل باحثون صينيون من جامعة “ساوث إيست الصينية” إلى مادة أسمنتية جديدة من شأنها أن تُحوّل الحرارة إلى كهرباء، ما يُمكن أن يُحوّل البنية التحتية العادية إلى أنظمة ذاتية التشغيل للمدن الذكية.
مادة جديدة أساسها الأسمنت
حيث ابتكر الباحثون مادةً أساسها الأسمنت، لا تقتصر وظيفتها على توفير الدعم الهيكلي فحسب، بل يُمكنها أيضاً توليد الكهرباء وتخزينها.
وهذه المادة مُركّبة من الأسمنت والهيدروجيل، وقد طوّرها فريقٌ بقيادة البروفيسور تشو يانغ من جامعة ساوث إيست الصينية.
وقد يُحدِث هذا الابتكار المهم نقلة نوعية في مستقبل البناء؛ إذ ستُغذّي الأرصفة إنارة الشوارع، أو تُراقب الجسور سلامة بنيتها دون الحاجة إلى مصادر طاقة خارجية.
ومن الملاحظ أن المواد مثل هذا المركب الأسمنتي-الهيدروجيلي تُقدّم لمحةً عن مستقبل حضري أكثر كفاءةً واستدامةً، في ظل نمو المدن وازدياد التقنيات الذكية.
توليد الحرارة من الأسمنت
ويتمتع الأسمنت بقدرة طبيعية على توليد الكهرباء من خلال ما يُسمّى “التأثير الحراري الكهربائي الأيوني”؛ إلا أن هذا التأثير كان دائماً ضعيفاً جداً بحيث لا يُمكن تطبيقه عملياً، لأن مصفوفة الأسمنت الكثيفة تحدّ من سرعة انتقال الأيونات عبرها.
وقال الباحثون: “إن التفاوت في معدل الانتشار بين الكاتيونات والأنيونات داخل محلول مسام الأسمنت، نتيجةً للاختلافات في التفاعلات مع جدران المسام، يُعطي الأسمنت خصائص حرارية كهربائية أيونية متأصلة”.
وتابع الباحثون: “مع ذلك، فإن عزل المسام بوساطة مصفوفة الأسمنت الكثيفة يعوق النقل السريع للأيونات ذات معدلات الانتشار العالية؛ ما يوقف تعزيز فرق الحركة بين الأيونات ويحدّ من تعزيز القوة الكهروحرارية “.
وتُحقق هذه المادة الأسمنتية الجديدة قوة كهروحرارية ومعامل الجدارة (ZT) أعلى بـ10 و6 أضعاف على التوالي مما سُجّل مع المواد الحرارية الكهربائية السابقة القائمة على الأسمنت، بحسب البحث الذي نُشر مؤخرًا في مجلة “ساينس بوليتين” (Science Bulletin).
ابتكار مادة أسمنتية جديدة واعدة
لحلّ هذه المشكلة، بَنى فريق البحث مادة أسمنتية متعددة الطبقات، تتناوب بين طبقات الأسمنت التقليدية وطبقات الهيدروجيل المصنوعة من كحول البولي فينيل (PVA)؛ ليحل هذا التصميم مشكلة حركة الأيونات بطريقة ذكية.
وتعمل طبقات الهيدروجيل بوصفها مسارات سريعة لأيونات الهيدروكسيد، في حين صُمّمت الأسطح البينية بين الأسمنت والهيدروجيل لترتبط بقوة بأيونات الكالسيوم وبقوة أقل مع أيونات الهيدروكسيد.
ويساعد هذا الخلل في التوازن على زيادة التأثير الكهروحراري من خلال تسريع حركة أيونات معينة وإحداث فرق أكبر في الحركة.
وما يجعل هذه المادة واعدة بصفة خاصة هو أنها لا تولّد الكهرباء فحسب، بل تخزنها أيضاً؛ إذ يمنحها هيكلها الفريد متعدد الطبقات خصائص ميكانيكية قوية وقدرات تخزين طاقة مدمجة.
وهذا يعني أن المباني والطرق والجسور المصنوعة من هذه المادة يمكنها يوماً ما تزويد أجهزة الاستشعار وأنظمة الاتصالات اللاسلكية المدمجة مباشرةً في الهيكل بالكهرباء، وفق ما نقلته منصة “إنترستينغ إنجينيرينغ” (Interesting Engineering).
وأوضح الباحثون أن الهيكل المتعدد الطبقات يُنتِج العديد من الأسطح البينية؛ ما يوفر مزيداً من مواقع التفاعل التي تدعم دور أيونات الأسمنت في تعزيز الأداء الكهروحراري.