يسعى المغرب إلى أن يصبح لاعباً رئيساً في استغلال المعادن الأرضية النادرة لتلبية الطلب المتزايد على هذه الموارد في ظل تنافس دول العالم على هذه المعادن لتأمين المواد الخام اللازمة لتحول الطاقة، في ظل التوجه نحو تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

المغرب و70 معدناً استراتيجياً

وأصبحت المعادن الأرضية النادرة ركيزة التقنية الحديثة، إذ تُشغّل كل شيء بدءاً من الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية، وصولًا إلى الأنظمة العسكرية المتقدمة.

وبحسب تقارير حديثة تحتوي التربة المغربية على أكثر من 70 معدناً إستراتيجياً، ما يضع المملكة في موقع المُصدّر الرئيس المحتمل للصناعات العالمية.

احتياطيات المعادن الأرضية النادرة

وكشفت خريطة جيولوجية جديدة استناداً إلى بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية (USGS)، عن أثمن رواسب العالم، ما يُعيد رسم ديناميكيات القوة العالمية.

وذكرت مجلة العلوم الأميركية “ديلي جالاكسي” (Daily Galaxy) أنه إلى جانب الصين وأستراليا اللتَيْن تمتلكان احتياطيات كبيرة من المعادن الأرضية النادرة، فإن دولتَيْن أفريقيتَيْن فقط (المغرب وجنوب أفريقيا) تمتلكان رواسب كبيرة من الزنك والليثيوم والكوبالت.

ويمكن أن تصبح هاتان الدولتان لاعبين رئيسين في توفير المواد الخام المعدنية اللازمة لتصنيع البطاريات أو قطاع الطاقة المتجددة.

ووفق بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، فإن المغرب يمتلك العديد من رواسب المعادن الأرضية النادرة المحتملة، مع احتياطيات لم تُستغل بعد.

وسلّطت الخريطة الجيولوجية الجديدة الضوء على مواقع رئيسة منها:

الصين، التي تُهيمن على الإنتاج العالمي باحتياطيات تبلغ 44 مليون طن متري.

أفريقيا خاصةً المغرب وجنوب أفريقيا حيث جعلت رواسب الزنك والليثيوم والكوبالت الغنية المنطقة مورداً أساسياً للبطاريات والطاقة المتجددة.

أميركا الجنوبية حيث تحتفظ تشيلي والبرازيل باحتياطيات هائلة من الليثيوم، وهي ضرورية للسيارات الكهربائية.

أوكرانيا التي تبرز بوصفها نقطة توتر جيوسياسي نظراً إلى مواردها الكبيرة من التيتانيوم والليثيوم.

غرينلاند حيث أثارت رواسب المعادن الأرضية النادرة والغاز الطبيعي غير المستغلة اهتمام القوى العالمية.

المعادن الأرضية النادرة في المغرب

ويتمتع المغرب بتنوع جيولوجي مناسب لتكوين رواسب المعادن الأرضية النادرة، ويرجع ذلك أساساً إلى الصخور القلوية والكربونات، إلى جانب المعادن الأخرى.

وإذا كان المغرب يطمح إلى استغلال هذه الموارد، فلا بد له من ضخ استثمارات كبيرة في البحث والتطوير، وهو ما يتعيّن على المملكة من أجله إقامة شراكات استراتيجية مع مختلف الشركاء التكنولوجيين الدوليين، وفق ما نقلته منصة “أتالايار” (Atalayar) في نسختها الناطقة باللغة الفرنسية.

وهناك تحدٍّ آخر يتمثّل في استغلال هذه الثروة المعدنية وهو الشق التشريعي إذ من شأن إصلاح قانون المعادن المغربي أن يضمن سيادة الصناعة الوطنية.

ويتضمّن الإصلاح المقبل لقانون المعادن المغربي العديد من الميزات الجديدة، من أجل إعداد الأرضية بشكل أفضل لهذه الصناعات ذات القيمة المضافة العالية.

ويمكن تلخيص هذه التطورات الجديدة في 3 نقاط:

  • إنشاء سجل تعديني لتحقيق قدر أكبر من الشفافية والحوكمة الرشيدة في القطاع.
  • إنشاء لجنة وطنية للمعادن الاستراتيجية والحيوية.
  • تعريف القائمة الرسمية للمعادن الاستراتيجية.

وتتمتع هذه الخطوات الـ 3 بأهمية استراتيجية إذ ستسمح القائمة بإعطاء الأولوية لتزويد الصناعة الوطنية بالمعادن الحيوية، وتغطية احتياجاتها كلياً أو جزئياً، والإسهام في تعزيز السيادة الصناعية للمغرب.

جاذبية استراتيجية

ويشكّل تأسيس العديد من الشركات الصناعية الصينية المتخصصة في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية ومكوناتها مؤخراً دليلاً على جاذبية المغرب المتزايدة في هذا القطاع الاستراتيجي.

وسيتوج هذا الزخم قريباً بإطلاق العمليات في أول مصنع عملاق في القارة الأفريقية، مستفيداً من الموقع الجغرافي والاستراتيجي للمغرب.

وللحفاظ على هذا الزخم، يتعيّن على المغرب تأمين سلسلة القيمة بأكملها وضمان توريد المواد الخام ومعالجة المعادن الحيوية وإعادة التدوير والبطاريات.

مشروعات المعادن الأرضية النادرة في المغرب

كان عرض العمل الذي جرى إنجازه في عام 2024 بما في ذلك حفر 4 آبار استكشافية للهيدروكربونات وإطلاق العديد من مشروعات البحث في المعادن الاستراتيجية والحيوية الأساسية لتحول الطاقة في البلاد، على جدول أعمال اجتماع مجلس إدارة المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن الذي عُقد في 26 مارس/آذار 2025.

وفي العام الماضي 2024 نفّذ المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن 44 مشروعاً لاستكشاف المعادن، تغطي مجموعة واسعة من المواد الاستراتيجية والحيوية المنتشرة في أكثر المناطق الواعدة في المغرب.

وجرى تنفيذ 22 مشروعاً بصفة مباشرة من قبل المكتب في حين يأتي إكمال المشروعات الـ22 الأخرى من خلال شراكات مع مشغلين آخرين، ولا سيما رواسب المعادن الأرضية النادرة والنيوبيوم في تارغة، والليثيوم في بئر المامي، والنحاس في مواقع المريجة، والفضة في ألما وأمان تازوغارت، والكوبالت في تيزي نوشين.

وبحسب المعلومات كشفت أعمال الاستكشاف حتى الآن عن 3 أنواع رئيسة من الرواسب:

  • رواسب الكربونات التي تتميّز بتركيزات عالية من النيوبيوم واليورانيوم والمعادن الأرضية النادرة.
  • البيغماتيت الموجودة في رواسب أوارك، حيث يمكن أن تصل نسبة المعادن الأرضية النادرة إلى 4.6 بالمئة.
  • الاحتياطيات الرسوبية التي لم تُقيّم إمكاناتها بصورة كافية بعد، ولكنها تثبت أنها واعدة.

المصدر: مواقع إلكترونية

اقرأ أيضاً…المعادن النادرة في الصين

صفحتنا على فيس بوك