
محاربة تغير المناخ بتبريد البنايات والشوارع.. خطة لمدينة ألمانية
وضعت مدينة فرانكفورت الألمانية خطط صارمة لـ ” محاربة تغير المناخ بتبريد البنايات والشوارع” بعد أن أظهرت بيانات أن المدينة هي إحدى أشد مدن ألمانيا احتراراً حيث سجلت درجات الحرارة بها مستويات قياسية بلغت 40.2 درجة مئوية بما يعادل 104 فهرنهايت في عام 2019 كما تتجاوز حاجز 30 درجة مئوية في صيف كل عام.
محاربة تغير المناخ
وفي تطور جديد وافق مجلس المدينة في منتصف شهر حزيران 2024 على خطة استباقية جديدة للحد من الحرارة التي تحرم السكان من الراحة ليلًا وتؤثر سلباً في إنتاجيتهم.
وخصص معدو الخطة فصلاً كاملاً يوضح أهمية أنظمة التبريد المعتمدة على مسارات الرياح لتزويد المدن بالهواء النقي وخصوصاً خلال موجات الحر الصيفية.
خاصة بعد أن لقي نحو 2300 شخص مصرعهم العام الماضي 2023 بسبب الحرارة كما أن الرقم مرشح للزيادة في ضوء ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي لكوكب الأرض.
خطة فرانكفورت المناخية
وتنص خطة حديثة في مدينة فرانكفورت إحدى أكبر مدن ألمانيا على بناء المزيد من ناطحات السحاب الجديدة لكن مع الاهتمام بالحد من درجات الحرارة وخاصة ليلًا.
وفي العادة يشعر سكان أحياء وسط المدينة بالاختناق لأن البنايات تمتص الحرارة خلال النهار وتطلقها مع غروب الشمس.
وفي تطور جديد دخلت 3 أنظمة رياح حيز الخدمة تساعد في جعل الحياة محتملة خلال أيام وليالي الصيف الحارة في ضوء التوقعات بارتفاعات جديدة في الحرارة جرّاء تغير المناخ.
وسبق ذلك تعاون كبير قبل سنوات عدة بين مخططي المدن والمهندسين المعماريين والعلماء لرسم أطلس مناخي يحدد أشد المناطق حرارة ومسارات الرياح القادرة على تبريد الهواء بتلك المناطق.
وأعرب الرئيس التنفيذي المشارك في شركة أبحاث المناخ “ويذر بارك” والذي أسهم بإعداد الخطة ماتياس راثيزر عن قلقه إزاء الأجيال القادمة قائلًا إن تغير المناخ تجربة لا يمكن السيطرة عليها.
وتشير الصور التي أعدها راثيزر إلى أن الرياح الأقوى والأكثر تواتراً تأتي من الناحية الجنوبية والجنوبية الغربية بسرعة 4.5 متراً في الثانية في المتوسط أو 10 أميال في الساعة.
تغير المناخ
لتبريد المدينة ليلاً ثمة ديناميكية داخلية لإعادة توجيه الرياح تصل فرانكفورت بمنطقة فيتيراو في الشمال الشرقي.
وبعد غروب الشمس يبرد الهواء سريعاً ويتدفق إلى المدينة خلال الوقت الذي تطلق فيه البنايات الموجودة بوسط المدينة الحرارة التي امتصتها خلال ساعات النهار.
وثمة أنظمة رياح محلية أخرى تنقل الهواء النقي من جبال تاونوس أو شرق فرانكفورت إلى وسط المدينة وفق تقرير لوكالة بلومبرغ.
ويرى أحد مخططي المدينة الذين يركزون على التصميم وعلم المناخ أوفي فال أن الرياح القادمة من فيتيراو هي أكبر شريان حياة خلال الصيف وبفضلها تنخفض درجات الحرارة بدءاً من الساعة 11 مساءً أو قبل ذلك لما دون 20 درجة مئوية.
وفي منطقة المصارف تساعد ناطحات السحاب على احتجاز الرياح وتحويل مسارها يميناً ويساراً ولأعلى ولأسفل ولذلك عندما ترتفع درجات الحرارة في الصيف تظل المنطقة هي الأكثر راحة بالمدينة.
وبالنسبة للأحياء السكنية ثمة ممران طبيعيان لتيارات الرياح يحيطان بالمدينة الأول عبر نهر ماين حيث الرياح ومنها القادمة من فيتيراو ونهر نيدا حيث ينتقل الهواء البارد من سفوح التلال القريبة إلى المناطق المحيطة.
وتعمل المسارات المؤدية لمحطة القطارات الرئيسة والميناء الشرقي والشارع الجديد بعرض 60 متراً غربي المدينة بوصفها قنوات مساعدة لتدفق الهواء إلى وسط المدينة.
محاربة تغير المناخ بدعم مبادرات أخرى
ودعمت فرانكفورت المعروفة بكونها مركزاً للأعمال والمصارف مبادرة مناخية أخرى لتخفيف حدة ارتفاع درجات الحرارة داخل البنايات وفي الشوارع.
وأصبحت إضافة حدائق على الأسطح وواجهات خضراء إلزاميةً لإنشاء البنايات الجديدة كما تطبّق المدينة إحدى أكثر قواعد أوروبا صرامة بشأن نظام تصميم البنايات الذي يتسم بكفاءة طاقة عالية واستهلاك منخفض للطاقة وعزل جيد.
كما تجري السلطات تجارب لاستعمال الأرصفة المسامية ونوافير المياه بالشوارع مع زراعة أكثر من 200 ألف شجرة تمنح الظل لسكان المدينة التي يزيد عدد سكانها على 800 ألف نسمة.
ومنذ أيار 2024 تنص القوانين على وجوب تصميم كل البنايات الجديدة والمساحات المفتوحة بالحوار بطرق التكيف مع تغير المناخ مثل تشجير الأسطح والواجهات بكثافة وتجنب الإغلاق وإتاحة مناطق يغطيها الظل ومنع الحدائق المرصوفة بالحصى والأسوار العالية.