إنتاج الليثيوم بكميات تجارية للمرة الأولى عالمياً باستخدام تقنية جديدة
نجحت تقنية جديدة مطورة بوساطة شركة أميركية في بدء إنتاج الليثيوم بكميات تجارية هذا المعدن الاستراتيجي مستعملة مادة معينة لديها القدرة على امتصاص الليثيوم من المحاليل الملحية وتفادي عيوب الطرق الحالية في استخلاصه.
إنتاج الليثيوم بكميات تجارية للمرة الأولى
ويتسارع الطلب العالمي على الليثيوم خلال السنوات الأخيرة ما حفّز العلماء على ابتكار تقنيات لاستخراج هذا المعدن مباشرةً من المحاليل الملحية أملاً في إحداث طفرة في الإمدادات العالمية.
وتعتمد آلية استخراج الليثيوم حالياُ على طريقتين الأولى عبر تكسير الصخور الصلبة وخاصة أحجار الإسبودومين والليبيدوليت والثانية عبر تبخيره من المحاليل الملحية.
تقنيات الاستخراج المباشرة
وبفضل استعمالها تقنية ترشيح جديدة أضحت إنترناشونال باتري ميتالز (International Battery Metals) ومقرّها مدينة هيوستن الأميركية رائدة استخراج ومعالجة الليثيوم أول شركة تُنتِج الليثيوم تجارياً في خطوة من المتوقع أن تمهّد الطريق أمام إتاحة أمدادات رخيصة وسريعة من المعدن الحيوي وفق موقع الشركة.
وبدأت إنترناشونال باتري ميتالز المعروفة اختصارًا بـ”آي بي إيه تي” (IBAT) في إنتاج الليثيوم تجارياً هذا الأسبوع في موقع ريفي بولاية يوتا مملوك لشركة يو إس مغنيسيوم (US Magnesium) الأميركية الخاصة بمعدل قرابة 5 آلاف طن متري سنوياً مستعملةً تقنية استخراج الليثيوم مباشرةً “دي إل إي” (DLE).
وسبقت “آي بي إيه تي” أقرانها من الشركات الأخرى أمثال ستاندارد ليثيوم (Standard Lithium) وإس إل بي (SLB) وإراميت (Eramet) وغيرها في التوصل إلى تقنية استخراج الليثيوم الجديدة.
ومع ثبوت جدواها تجارياً فإنه من المتوقع أن تنمو تقنية استخلاص الليثيوم مباشرةً في خلال عقود لتتحول إلى صناعة تلامس إيراداتها السنوية 10 مليارات دولار عبر تعزيز سرعة وكفاءة إنتاج الليثيوم وتخصيصه لمصنّعي السيارات الكهربائية وآخرين على غرار إسهام تقنية التكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي في تعزيز إنتاج النفط الأميركي.
تعزيز الإمدادات العالمية
وقال رئيس شركة “آي بي إيه تي” جون بوربا في معرض تعقيبه على تقنية استخراج الليثيوم الجديدة: “تسهم التقنية الجديدة في تعزيز إمدادات الليثيوم العالمية ونحن نشعر وكأننا وصلنا إلى لحظة فاصلة في تلك الصناعة”.
ووفق تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية تحتوي رواسب المياه المالحة في أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية وأماكن أخرى على قرابة 70 بالمئة من احتياطيات العالم من المعدن الخفيف.
واعتمدت آلية إنتاج الليثيوم تاريخياً على برك التبخير المُستعمَلة لاستخلاص هذا المعدن من تلك المحاليل الملحية أو المناجم المفتوحة عبر إزالته من رواسب الصخور الصلبة.
غير أن الاستعمال المكثف للمياه والبصمة الكربونية لتلك التقنيات إلى جانب أوقات تطويرها وإنتاجها الطويلة أدى إلى البحث عن خيار ثالث.
وعلى الرغم من اختلاف تقنية استخراج الليثيوم مباشرةً فإنه من الممكن مقارنتها بأجهزة تنقية المياه المنزلية الشائعة وتستهدف تلك التقنية استخلاص قرابة 90 بالمئة أو أكثر من الليثيوم من المحاليل الملحية قياساً بنحو 50 بالمئة باستعمال البرك.
بدء إنتاج الليثيوم بكميات تجارية
وسبق أن استعملت شركة أركاديوم ليثيوم (Arcadium Lithium) وغيرها من الشركات الأخرى تقنية استخراج الليثيوم مباشرةً إلى جانب برك التبخير ولكن لم تتمكن تلك التقنية مطلقاً من الوصول إلى الإنتاج التجاري من قبل ما أشعل المنافسة بين الشركات العالمية.
ويتسم العديد من رواسب المحلول الملحي بتركيبات كيميائية متنوعة ما يعني أنه من المرجّح ألّا تبرز تقنية واحدة من تقنيات استخراج الليثيوم مباشرة معياراً عالمياً.
فعلى سبيل المثال يحوي العديد من الرواسب الصينية تركيزات عالية من المغنيسيوم كما تحوي الرواسب في بوليفيا وهي من بين أكبر الرواسب في العالم مستويات عالية من البوتاسيوم.
ولطالما ثبتت صعوبة فصل الليثيوم عن تلك المعادن التي تكون ممتزجة معه في المحاليل الملحية ما حيّر العلماء العاملين على تقنيات استخراج الليثيوم مباشرةً لسنوات.
وتتزامن تقنية إنتاج الليثيوم الجديدة المُعلَنة مؤخراً مع تراجع أسعار المعدن بأكثر من 80 بالمئة خلال العام الماضي ما أشعل موجات تسريح عمالة في العديد من الشركات أمثال ألبيمارل (Albemarle) وليك ريسورسيز(Lake Resources) وغيرها.
مصنع محمول
وقالت إنترناشونال باتري ميتالز في تصريحات إنها نجحت في إنتاج الليثيوم على نطاق تجاري بفضل مصنعها الصغيرة نسبيا.
ففي الوقت الذي حاولت فيه شركات منافسة على مدار أكثر من عقد إنتاج الليثيوم تجارياً شملت خططهم على إنتاج 20 ألف طن سنوياً أو أكثر في منشآت دائمة تقع في مناطق نائية يصعب توصيل العمالة والإمدادات إليها.
لكن “آي بي إيه تي” بنَت مصنعاً محمولًا في ولاية لويزيانا لا يتجاوز طوله 137 متراً ثم نقلته في 13 جزءً إلى موقع شركة “يو إس مغنيسيوم” ويسحب المصنع المحلول الملحي من بحير الملح العظمى.
وتخطط الشركة لإضافة مصانع أخرى لتعزيز الإنتاج سنوياً إلى 5 آلاف طن.
واستغرق بناء المصنع المحمول وبدء الإنتاج منه 18 شهراً علماً بأن تكلفته الاستثمارية تتراوح بين 50 و60 مليون دولار.