تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى ميثانول، تقنية يقترب من خلالها العلماء إلى إيجاد وقود منخفض الكربون، يضع عليه الكثيرون آمالاً عريضة في تقليص الانبعاثات الكربونية والإسهام في تسريع تحول الطاقة.

ورغم أن هذا الغاز هو العامل الرئيس المغذي لظاهرة الاحترار العالمي فإن تركيزه يبقى أقل نسبيًا في الغلاف الجوي، قياسًا بالغازات المفلورة -على سبيل المثال- إذ يلامس قرابة 400 جزء في المليون بالهواء.

وتضم قائمة الغازات المفلورة مركبات الهيدروفلوروكربون، والمركبات المشبعة بالفلور، وسداسي فلوريد الكبريت، وثلاثي فلوريد النيتروجين.

ويتسم سداسي فلوريد الكبريت مثلاً- بقدرة على إحداث الاحتباس الحراري العالمي، تبلغ 23 ألفاً و500 مرة على مدار 100 عام، ما يعني إمكان احتجازه حرارة أكثر بـ 23 ألفاً و500 مرة من ثاني أكسيد الكربون خلال المدة نفسها.

مادة حفازة تعمل على تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون

طوّر الباحثون مادة حفازة تُعرَف باسم فثالوسيانين الكوبالت، لديها القدرة على تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون -أحد أخطر العوامل المحفزة للتغيرات المناخية- إلى وقود متجدد مثل الميثانول، وفق ما خلصت إليه دراسة حديثة، نشرت نتائجها دورية إيه سي إس كاتاليسيز، إحدى دوريات الجمعية الكيميائية الأميركية المتخصصة في ابتكار المحفزات وتطويرها.

ودرس الباحثون آلية استعمال فثالوسيانين الكوبالت عاملًا محفّزاً، لتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى ميثانول عبر خطوات تفاعل متعددة.

وتعمل الخُطوة الأولى على تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى أول أكسيد الكربون كيميائياً، في حين تحول الخُطوة الثانية أول أكسيد الكربون إلى ميثانول.

وتطرح تلك التقنية نهجاً ملائماً لخفض انبعاثات غازات الدفيئة مع إتاحة وسيلة -كذلك- لإنتاج الكهرباء المتجددة.

تقنية متفردة

لطالما حاول العلماء إيجاد طريقة لتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى وقود مثل الميثانول منخفض الكربون الذي من الممكن استعماله لتشغيل السيارات بصورة صديقة للبيئة.

ورغم أن تحويل هذا الغاز إلى ميثانول يُستعمَل -فعلياً- في قطاع التصنيع، فإن تحقيق هذا التحول على نطاق واسع عبر العمليات الكهروكيميائية ينطوي على العديد من التحديات.

وفي هذا الصدد، يرى المؤلف الرئيس المشارك للدراسة كيفن ريفيرا كروز، الحاصل على درجة الدكتوراه في الكيمياء من جامعة ميشيغان أن التقنية التي أوجدوها متفردة، لأنها تجعلهم قادرين على الاستفادة من كل المعلومات التي يتيحها كل مجال حول المعضلة نفسها، ولديهم علماء ومهندسون يعملون في تناغم داخل فريق واحد، ويطرحون الأفكار ويتشاركون في الرؤى، من أجل تصميم وفهم النظام بأفضل طريقة ممكنة.

ويعمل فثالوسيانين الكوبالت بمثابة خُطاف لجزيئات ثاني أكسيد الكربون أو أول أكسيد الكربون، ويُعد ترتيب تلك الجزيئات هندسيًا حول معدن الكوبالت أمراً بالغ الأهمية، لأنه يحدد مدى قوة ارتباط كل جزيء غاز.

معضلة تحتاج إلى حل

وجد الباحثون أن المعضلة تكمن في أن فثالوسيانين الكوبالت يرتبط بقوة أكبر بجزيئات ثاني أكسيد الكربون مقارنة بجزيئات أول أكسيد الكربون. ولهذا السبب فإنه بمجرد إنتاج غاز ثاني أكسيد الكربون في الخطوة الأولى، يُزاح أول أكسيد الكربون بوساطة جزيء ثاني أكسيد الكربون آخر قبل تحويله مرة أخرى إلى ميثانول.

وباستعمال النمذجة الحسابية المتطورة، قدّر الباحثون أن فثالوسيانين الكوبالت يرتبط بثاني أكسيد الكربون بقوة أكبر 3 مرات من ارتباطه بأول أكسيد الكربون.

وعزّزوا تلك النتيجة -كذلك- عبر تجارب قاسوا خلالها معدلات التفاعل عند تغيير كميات ثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون.

وخلص الباحثون إلى أن الاختلاف في درجة الارتباط له صلة بالكيفية التي تتفاعل من خلالها إلكترونات المادة الحفازة مع جزيئات ثاني وأول أكسيد الكربون.

ولمواجهة تلك المشكلة يوصي الباحثون بإعادة تصميم محفز فثالوسيانين الكوبالت، بهدف تعزيز طريقة تفاعله مع أول أكسيد الكربون، وخفض الطريقة التي يرتبط بها مع ثاني أكسيد الكربون.

ومن الممكن أن يُسهم حل تلك المعضلة في تمهيد الطريق أمام استعمال محفزات مثل فثالوسيانين الكوبالت لتحويل نفايات ثاني أكسيد الكربون إلى ميثانول بكفاءة على نطاق واسع.

ويخطط العلماء للحصول على محفزات جديدة واعدة لتحويل غازات الدفيئة إلى منتجات قيمة تُستعمل في الصناعة الكيميائية.

وتوقع البحث أن يلامس إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية إلى 40.9 مليار طن متري في عام 2023، ما يقل قليلاً عن مستويات العام السابق 2022.

المصدر: مواقع إلكترونية

اقرأ أيضاً… ​أهداف إزالة الكربون لا تكفي للحد من الاحتباس الحراري

صفحتنا على فيس بوك