يقترب العلماء من فك شفرة تخزين الكهرباء في مواد قابلة للثني – الأجهزة الإلكترونية صغيرة الحجم وتلك القابلة للارتداء بما يُسهم في التشغيل الفاعل لتلك الأدوات التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الاستعمالات التقنية اليومية.

وما يزال تخزين الكهرباء من أهم التقنيات التي يعمل عليها العلماء لتطويرها بهدف القضاء على الطبيعة المتقطعة لمصادر الطاقة المتجددة ومواجهة الهدر المحتمل منها في ظل توقعات بتنامي السعة العالمية لتلك المصادر النظيفة خلال السنوات المقبلة.

تخزين الكهرباء في مواد قابلة للثني ثورة تقنية على الأبواب

تخيّل أنك تستطيع ارتداء هاتفك الذكي على معصمك ليس ساعةً ولكن حزام مرن يلفّ زراعك فماذا عن الملابس التي تشحن أدواتك وأجهزتك عبر ارتدائها فقط؟

ظل هذا الحلم بعيد المنال حتى اقترب فريق بحثي يقوده البروفيسور جين كون كيم وآخرون من تحويله إلى واقع وفق ما هو منشور في دورية أدفانسيد ماتيريالز (Advanced Materials).

واعتمد فريق البحث في تقنيتهم على أكاسيد المعادن متوسطة المسام (MMOs) التي تتميز بمسام تتراوح من 2 إلى 50 نانومتر في الحجم.

ونظراً لمساحة سطحها الواسعة فإن أكاسيد المعادن متوسطة المسام تلك لها تطبيقات مختلفة مثل تخزين الكهرباء عالي الأداء والتحفيز الفعال وأشباه الموصلات وأجهزة الاستشعار.

ومع ذلك فإن دمج أكاسيد المعادن متوسطة المسام في الأجهزة القابلة للارتداء والأجهزة المرنة ما تزال تحدياً نظراً لأن الركائز البلاستيكية لا يمكنها الحفاظ على سلامتها عند درجات حرارة مرتفعة (350 درجة مئوية أو أكثر) والتي تكون ملائمة لتصنيع أكاسيد المعادن المذكورة.

وقد عالج فريق البحث تلك المعضلة باستعمال التأثير المعزز للحرارة والبلازما لتصنيع العديد من أكاسيد المعادن متوسطة المسام بما في ذلك أكسيد الفاناديوم (V2O5) ومواد تخزين الكهرباء الشهيرة عالية الأداء وثنائي أكسيد التيتانيوم (TiO2) و نيوبيوم بينتوكسيد (Nb2O5) وثلاثي أكسيد التنغستين (WO3) على مواد مرنة عند درجات حرارة أقل بكثير (تتراوح بين 150 و 200 درجة مئوية).

تخزين الكهرباء في مواد قابلة للثني آلاف المرات

وتتيح الأجزاء الكيميائية البلازمية عالية التفاعل كهرباء كافية يمكن تعويضها بدرجات الحرارة المرتفعة.

ومن الممكن ثني الأجهزة المصنعة آلاف المرات دون فقدان أداء عملية تخزين الكهرباء.

وفي معرض تعليقه على تقنية تخزين الكهرباء الجديدة قال قائد فريق البحث البروفيسور جين كون كيم: نحن نقف على أعتاب ثورة في التقنية القابلة للارتداء وقد ينتُج عن هذا الإنجاز أدوات ليست أكثر مرونة فحسب بل أيضاً أكثر قدرة على التكيف مع احتياجاتنا اليومية.

مرونة الشبكة

وتُخزّن الكهرباء عادةً بوسائل كيميائية (على سبيل المثال، بطاريات الرصاص الحمضية أو بطاريات أيونات الليثيوم) أو بوسائل ميكانيكية (على سبيل المثال، التخزين المائي بالضخ).

ويمكن أن تكون أنظمة تخزين الطاقة الحرارية بسيطة مثل خزانات الماء الساخن ولكن التقنيات الأكثر تقدماً يمكنها تخزين الكهرباء بشكل أكثر كثافة (على سبيل المثال الأملاح المنصهرة، كما تستعمل في تركيز الطاقة الشمسية).

ويتيح تخزين الكهرباء الذي يعتمد على البطاريات التي تتحسّن بسرعة وغيرها من التقنيات قدراً أكبر من مرونة النظام وهو أحد الأصول الرئيسة مع زيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة المتغيرة.

ويمكن للبطاريات أن تدعم مستويات عالية جداً من الكهرباء المتجددة المتغيرة وتحديداً عن طريق تخزين الكهرباء الفائضة وإطلاقها لاحقاً عندما لا تكون الشمس مشرقة أو لا تهبّ الرياح بقوة كافية.

كما أن تخزين الكهرباء يجعل من الممكن إنشاء قطاع نقل تهيمن عليه السيارات الكهربائية وتمكين أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية الفاعلة خارج الشبكة على مدار 24 ساعة، ودعم الشبكات الصغيرة المتجددة بنسبة 100 بالمئة.

السعة العالمية

من المتوقع أن تتجاوز سعة منشآت تخزين الكهرباء التراكمية حاجز 1 تيراواط ساعة عالمياً قبل نهاية العقد الحالي 2030 باستثناء الطاقة المائية التي تُضَخّ إذ توفر بطاريات الليثيوم أيون معظم هذه السعة وفقاً للتوقعات.

وتشير توقعات منفصلة صدرت العام الماضي 2023 عن مجموعة الأبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس (BloombergNEF) وجمعية التصنيف الدولية دي إن في (DNV) ومقرها النرويج إلى زيادة كبيرة في معدلات نشر تخزين الكهرباء إذ تسهم استثمارات الطاقة المتجددة والسياسات الحكومية في تعظيم الحاجة إلى التخزين لإضافة المرونة إلى شبكات العالم.

ففي تقرير آفاق سوق تخزين الكهرباء للنصف الثاني من 2023 الصادر عن بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس تتوقع الشركة أن تصل السعة التراكمية العالمية إلى 1877 غيغاواط في الساعة بحلول نهاية 2030.

في المقابل يتوقع تقرير آفاق تحول الطاقة السنوي الصادرة عن “دي إن في” أن تصل سعة تخزين بطاريات الليثيوم أيون وحدها إلى 1.6 تيراواط في الساعة بحلول عام 2030.

وفي تقرير آفاق سوق تخزين الكهرباء للنصف الأول من 2023 الصادر عن بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس الذي نُشر في آذار 2023 توقعت الشركة أن تتراوح السعة المركبة التراكمية بين 508 غيغاواط و 1432 غيغاواط ساعة بحلول نهاية عام 2030.

المصدر: مواقع إلكترونية

اقرأ أيضاً… تقنيات تخزين الكهرباء.. حلول مستدامة تُبشر بتيار لا ينقطع

صفحتنا على فيس بوك