تمثّل صناعة البلاستيك من الكتلة الحيوية هدفاً لكثير من العلماء الذين تنوّعت مساعيهم لخفض الانبعاثات الكربونية، في إطار الجهود العالمية لمواجهة تغير المناخ، إذ تركّز جهود الباحثين -حاليًا- على تصنيع المواد الحيوية بطرق أكثر نظافة.

وفي هذا الإطار، توصلت باحثة مصرية إلى تقنية لتصنيع البلاستيك من القشريات. لخفض البصمة الكربونية الناتجة عن هذه الصناعة المُلوثة للبيئة.

واستعانت الأستاذة المساعدة في قسم الهندسة الصناعية. مديرة مركز أبحاث النظم الهندسية الذكية في جامعة النيل الدكتورة إيرين سامي، بفريق بحثي مكون من مختصين في الكيمياء والفيزياء لإجراء الدراسة.

كما شارك في الدراسة -التي أجريت بدعم مادي من خلال منحة مشتركة بين جامعة النيل في مصر وجامعة نوتنغهام في لندن- خبراء في إدارة الأعمال. من أجل عمل دراسة جدوى، لمعرفة حجم المخلفات الناتجة عن القشريات في مصر. وبالتالي تحديد مدى القدرة على استعمال البلاستيك المصنّع من أصل حيوي بدلاً من نظيره العادي.

أضرار البلاستيك على البيئة

ترى الأستاذة المساعدة في قسم الهندسة الصناعية الدكتورة إيرين سامي. إن عملية تصنيع البلاستيك التقليدية تصدر عنها انبعاثات كربونية هائلة. نتيجة لاستعمال بعض أنواع الزيوت، ما يعمل على زيادة البصمة الكربونية في الهواء. حيث أن كل كيلوغرام من البلاستيك تصدر عنه 6 كيلوغرامات من الانبعاثات الكربونية في أثناء عملية التصنيع. وهو مادة غير قابلة للتحلل، نظراً إلى احتوائه على مواد نفطية، حيث يمثّل هذا تهديديْن، الأول أنها مواد غير متجددة (أي ستنفد بمرور الوقت)، والآخر أنها لا تتحلل بالبكتيريا مثل المواد الطبيعية.

وتؤكد الدكتورة سامي أن الطريقة الوحيدة لتحلل مادة البلاستيك هي عملية التحلل الضوئي التي تتطلب 50 عاماً على الأقل.

وأوضحت، أن صناعة البلاستيك شهدت تطوراً كبيراً في الآونة الأخيرة. وأصبحت هناك أنواع كثيرة منه، لافتة إلى أن كون البلاستيك المادة الرئيسة في إنتاج وتغليف أغلب المنتجات جعل من المستحيل الاستغناء عنه تماماً.

وأشارت إلى أن من أهم المحاولات العلمية التي توصل إليها الباحثون لصنع البلاستيك القابل للتحلل هي d2w technology. موضحة أن هذه الطريقة تعتمد على استعمال مواد إضافية معينة (additives) خلال تصنيع البلاستيك.

ولفتت إلى أن هذه المواد تساعد على تعزيز تكسير جزيئات البلاستيك، وبالتالي تسريع عملية التحلل.

كما سلّطت الضوء على المحاولات المنتشرة لإعادة تدوير المخلفات البلاستيكية واستعمالها في تصنيع منتجات أخرى، والمُعروفة بعملية إعادة التدوير (recycling).

صناعة البلاستيك من الكتلة الحيوية

وترى الباحثة المصرية، أن المحاولات السابقة لم تنجح في حل المشكلة، لافتة إلى أن عملية صنع البلاستيك القابل للتحلل d2w technology -على سبيل المثال- تعتمد على مواد صناعية. ما يُلحق -أيضاً- أضراراً بالبيئة، لافتةً إلى أن عملية إعادة التدوير (recycling) لا تحول 100% من البلاستيك، بل يبقى منه جزء غير مستهلك يُحفظ في مدافن صحية. وينجم عن ذلك أضرار كثيرة، من بينها تلوث التربة حول المدافن وانبعاث غاز الميثان المُلوث.

وفي سعيها لصناعة البلاستيك من الكتلة الحيوية، بدأت البحث عن مادة تتوافر فيها المواصفات كافّة لإنتاج البلاستيك. حتى توصلت إلى مادة الشيتوزان الموجودة في القشريات مثل قشور الأسماك، لا سيما الجمبري والكابوريا. ثم بدأت تصنيع البلاستيك القابل للتحلل (biodegradable plastic) من مخلفات القشريات، وبالتحديد قشر الجمبري.

المعالجة الكيميائية

أوضحت الباحثة أن إجراء التجربة تطلّب شراء كميات كبيرة من قشر الجمبري. لإجراء المعالجة الكيميائية لاستخراج مادة الشيتوزان. إلا أن الفريق البحثي اكتشف أن هذه المادة وحدها لن تنجح في صنع مُنتج بمستوى كفاءة البلاستيك الموجود حالياً، حيث تم استعمال مواد إضافية لتقوية خصائص المادة لتصنيع مُنتج بمواصفات البلاستيك الحالية ذاتها,

وتشير إلى أن الفريق البحثي واجَهَ تحدياً جديداً تمثّل في أن كل تطبيق من المُنتجات المصنوعة من مادة البلاستيك يتطلب إضافة مادة معينة. لافتة إلى أن ملاعق الطعام البلاستيكية -على سبيل المثال- تحتاج إلى تزويد خصائصها بمادة تمنحها الصلابة، على خلاف الأكياس البلاستيكية التي تتطلب مزيداً من المرونة.

ويهدف الفريق البحثي الآن إلى الاستفادة من الابتكار العلمي من خلال صنع الأكياس البلاستيكية وإنتاجها بكميات أكبر. ليكون بذلك قد قدم فكرة آمنة ومفيدة وموفرة للطاقة من خلال تطوير البلاستيك سريع التحلل الذي يحافظ على البيئة. حيث نجح في صنع طلاء طبيعي مقاوم للصدأ، ومواد عازلة في البناء من المخلفات الزراعية.

وتؤكد الباحثة أن المشروع يفتح المجال للكثير من الفرص لاستغلال المخلفات في مصر بمشروعات ومنتجات مفيدة وصديقة للبيئة.

المصدر: مواقع إلكترونية

اقرأ أيضاً… أول مزرعة رياح شبه غاطسة تحقق أرقاماً قياسية

صفحتنا على فيس بوك