الطائرات المسيرة في الزراعة والرعاية الصحية
أدى تطوير تكنولوجيا الطائرات المسيرة للخروج من الحيز الأساسي لاستخدامها في الجوانب العسكرية والاستخباراتية والتطبيقات العسكرية إلى الاستخدام في مختلف جوانب الحياة المدنية وأدوار فعالة في الزراعة والرعاية الصحية.
الطائرات المسيرة كأداة عسكرية
وأجريت أولى الاختبارات لطائرة يتم التحكم فيها عن بعد في بريطانيا عام 1917 بينما تم إجراء أول رحلة لطائرة أميركية من دون طيار 1918.
وبدأ الاستخدام الفعلي للطائرات من دون طيار في عام 1935 حين صنعت المملكة المتحدة طائرات يتم التحكم بها عن طريق موجات الراديو واستخدمت للتدريب وليس في ميدان المعركة.
ودخلت الطائرات من دون طيار ميادين المعارك في حرب فيتنام 1955-1975 حيث استخدمتها الولايات المتحدة في عملياتها على الأرض ليبدأ تطويرها حتى أصبحت أداة لا غنى عنها في مهام الاستطلاع وجمع المعلومات إضافة لقدرتها على توفير صور ذات دقة عالية ومهاجمة الأهداف كما تؤدي دوراً حاسماً في الدعم اللوجستي للقوات البرية.
دخولها المجال المدني
وخلال السنوات الأخيرة تطورت التكنولوجيا المستخدمة في الطائرات المسيرة بشكل كبير ووصلت إلى المجالات المدنية وأصبح لها عديد من الاستخدامات المدنية في مجالات مثل الزراعة والرعاية الصحية والبناء وغيرها.
وظهرت العديد من العلوم والمجالات التي دعمت تطور استخدامات هذه الطائرات في المجالات المدنية من التطور السريع في نظم المعلومات الجغرافية (GIS) والسماح باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) بدقة عالية في التطبيقات المدنية أسهم في دفع عجلة تطوير طائرات مسيرة بأحجام مختلفة للاستخدام في المجالات المدنية.
وكذلك أسهم التطور السريع في علوم البيانات ونظم الحاسوب والشبكات اللاسلكية والحوسبة السحابية في ربط هذه الطائرات مباشرة ببرامج وخوادم إنترنت تستقي منها المعلومات والبيانات آنيا لتحليلها وتخزينها لدعم اتخاذ القرار.
كما أن التطور الهائل في مجال كاميرات التصوير الرقمي وبرامج وخوارزميات تحليل الصورة واستخدام نماذج الذكاء الصناعي في تحليل الصور والبيانات جعل من الطائرة المسيرة منصة متعددة الاستخدامات حيث خففت الكاميرات الحديثة صغيرة الحجم والوزن من الحمل الذي تحمله الطائرة مما أتاح الفرصة لبطاريات أكبر تسمح بالطيران لمدد أطول ومسافات أبعد.
أما الأجهزة الذكية سواء الهواتف أو الحواسيب اللوحية بما تحويه من تطبيقات فجعلت التحكم في الطائرة المسيرة ومراقبتها وتوجيهها أمراً ميسوراً حتى أن بعضها يقوم مقام جهاز التحكم عن بعد وقد أدى كل ذلك إلى التوسع في استخدام الطائرات المسيرة في المجالات المدنية.
الطائرات المسيرة في الزراعة
وفي مجال الزراعة والإنتاج الحيواني أثبتت الطائرات المسيرة فائدتها بشكل خاص حيث مكنت من تحسين العمليات الزراعية بشكل أكثر كفاءة وفعالية خاصة في الدول ذات المساحات الزراعية الشاسعة مثل كندا والولايات المتحدة وروسيا.
ويمكن للطائرات المجهزة بالكاميرات والمستشعرات تزويد المزارعين ببيانات قيمة حول صحة المحاصيل وكفاءة عملية الزراعة وجودة النمو وتجانسه. كما يمكن أن تأخذ صورا جوية متتالية لتقوم بعملية مسح للمساحة المزروعة التي تكون غالبا مئات أو آلاف الأفدنة لتقوم برامج معالجة وتحليل الصور بحساب معدل النمو ومدى صحة النباتات واكتشاف وجود إصابات بالآفات واستنتاج الإنتاجية وكمية المحصول المتوقعة.
كما تستخدم الطائرات المسيرة في رش المبيدات والأسمدة بسهولة مقارنة بطائرات رش المبيدات التقليدية التي تحتاج إلى طيارين وتصاريح ورخص وتجهيزات خاصة للإقلاع والهبوط إذ يمكن استخدامها في رش مساحات متوسطة من الأراضي الزراعية.
كذلك تؤدي الطائرات المسيرة دورا مهماً ومتزايدا في الإنتاج الحيواني إذ تستخدم في مراقبة قطعان الحيوانات في المراعي المفتوحة والبحث عن الحيوانات الشاردة كما أجريت تجارب على استخدامها في الرعي عبر توجيه القطيع بديلاً عن الكلاب حيث تخشاها الحيوانات الصغيرة كالأغنام.
في الرعاية الصحية
وفي مجال الرعاية الصحية تساعد الطائرات المسيرة في نقل الأدوية والأدوات الطبية إلى المناطق النائية والخطرة كمناطق النزاعات والكوارث.
فهي تفتح مجالاً واعداً لتحسين الخدمات الصحية المقدمة وذلك لعدة أسباب من أهمها أن الطائرات المسيرة الطبية آمنة جداً للاستخدام في نقل الأدوية والأجهزة الصغيرة والعينات الطبية بالمقارنة بالمركبات التقليدية للنقل حيث لا تحتاج إلى طيارين.
كما أنها تستطيع الطيران لمسافات بعيدة في مدة قصيرة لأنها لا تحتاج إلى مطارات أو مهابط أو تجهيزات خاصة كما أنها اقتصادية إذ أن تكلفة الطائرة المسيرة التجارية تُقدر بين 500 دولار و5 آلاف دولار حسب النوع والحجم.
إضافة إلى أنه يمكن استخدامها ونشرها بسهولة إذ لا يحتاج مقدمو الخدمات الطبية إلى خبرة تقنية كبيرة للحصول على الموافقة على تشغيلها ويمكن للغالبية العظمى التعلم بسرعة كيفية التحكم فيها والحصول على الرخصة اللازمة مما يجعلها تكنولوجيا فعالة في حل أنواع محددة من الأزمات مثل (نقل الأدوية والأدوات الطبية إلى المناطق النائية والخطرة كمناطق النزاعات والكوارث الطبيعية ونقل العينات الطبية من مكان جمع العينة إلى مكان تحليلها بشكل فوري وبسرعة).
كما تسهم تلك الطائرات في توفير الرعاية الصحية عن بعد للمرضى في الأماكن البعيدة والتحليق فوق مناطق الأوبئة والكوارث لأخذ الصور وتحليل البيانات الطبية لدعم القرار وتوفر الدعم الطبي للمناطق المنكوبة.
هذا وأسهمت الطائرات المسيرة مؤخراً في عمليات الإنقاذ والبحث عن الضحايا في الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسورية في السادس من شباط الماضي الذي بلغت شدته 7.8 درجات على مقياس ريختر.
المصدر: مواقع إلكترونية
اقرأ أيضاً… بناء أول مزرعة سمكية في توربين رياح بحري