عندما نذكر مصطلح طاقة الأمواج فإننا نعني بذلك حركة المياه التي تحصل بسبب الرياح المتحركة وتقلبات الضغط تحت سطح الماء، ويتم استغلالها فيما بعد على سبيل الحصر في توليد الطاقة الكهربائية، وتحليه المياه، أو في ضخ المياه، وتعدّ هذه الطاقة إلى حدِّ كبير متحرّكة بشكل دائم، وكما وتحتوي على طاقة هائلة على مدار الساعة بحيث أنه إذا تم استغلالها بشكل كامل ف ستغطي 40% من احتياجات العالم للطاقة، وهذا يعادل 700 إلى 800 محطّة نووية، فالأمواج تولّد 2700 جيجا وات من الطاقة، ويتم فقط استغلال 500 جيجا وات عن طريق التقنيات المستخدمة حالياً.

تم الإعلان عن براءة استخدام طاقة الأمواج المعروفة من المحيط في عام 1799 وقدمت في باريس من قبل جيرارد وابنه، بعد ذلك توالت التجارب والاختبارات والأطروحات من قبل العديد على مر السنوات، حتى اتجهت الأنظار بشكل جاد من قبل العالم نحو الطاقة المتجدّدة وذلك بسبب أزمة النفط في عام 1973 حينها قامت أعداد كبيرة من الجامعات بعمل إعادة نظر بالأبحاث المتخصصة بتوليد الطاقة بواسطة أمواج البحار، ومن بينها برز بحث ستيفن سولتر من جامعة أدنبرة، وكجيل بودال مع جوهانسان فولنس من الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا.

بعد عدة سنوات فإن الحاجة للطاقة لمتجددة دفعت بالمختصين بالطاقة البحرية للاهتمام بتقنيات لكي تستفيد منها، فبعض الدول قامت بالاستثمار بهذا المجال أكثر من غيرها، حيث تعد بريطانيا والبرتغال من الدول المتصدرة بما يخص طاقة الأمواج وتحويلها.

أهم طرق استخدام طاقة الأمواج

سبب تولد الأمواج

دعونا نتطرق بشكل ممل وبعجالة في السطرين التاليين عن سبب توليد الأمواج، حيث تتولّد بسبب فرق ضغط الهواء الناتج من الاتجاه المعاكس للرياح ومنحنى الموجة السفلي بالإضافة إلى قوة الاحتكاك ما بين الرياح والمياه مما يجعل المياه تتعرّض لما يسمّى بإجهاد القص والذي يؤدي بدوره إلى ارتفاعها.

وبالنسبة للطاقة الناتجة فهي تعتمد على طول الموجة، وسرعتها، وارتفاعها، وكذلك كثافة المياه، فيما يلي سنتحدث عن كيفية توليد هذه الطاقة باستخدام أكثر الأجهزة حداثة في الوقت الحالي والتي يتم تصنيفها بناء على طريقتها في التقاط طاقة الأمواج، ومن خلال موقعها، وبأي الآلات يتم ربطها، والتصنيفات الخمسة التالية تعد من الأكثر استخداماً وشيوعا:

جهاز الرأس النقطي الطافي Point Absorber (Buoyancy Unit)

هذا الجهاز كما هو مذكور في اسمه، يطفو على سطح الماء، حيث يتم تثبيته بكوابل متّصلة بقاع البحر، حيث تم عمل هذه الأجهزة للاستفادة من كلا حركتي الصعود والهبوط للموجات حتى تقوم بدفع المضخات الهيدروليكية ومن ثم توليد الكهرباء.

من المهم ذكر أن المجال الكهرومغناطيسي المتولّد نتيجة انتقال الكهرباء عبر الكوابل والأصوات الصادرة عن هذه الأجهزة تسبب قلقاً للقوات البحرية، وكذلك تواجد هذه الطوافات يمكن أن يؤثر على الأسماك والكائنات البحرية، والطيور بسبب احتمال حدوث خطر عند اقترابها من سطح البحر مما يؤدي إلى التصادمات، وكذلك احتمالية حدوث تشابك مع خطوط المرافئ والمراسي، و طاقة الأمواج الممتصة قد تؤثر كذلك على الشواطئ، وبناء على ذلك فقد تم إصدار أوامر بإبعادها لمسافة بعيدة عن الشواطئ.

المخمداتSurface Attenuators (Line Absorber)

هذه الأجهزة تعمل بشكل مشابه للجهاز الذي تحدثنا عنه في النقطة الأولى، وكذلك يبدو كأفاعي البحر في الماء، فهو يتألف من عدة قطع عائمة متّصلة ببعضها بعضاً ومثبّتة بشكل متعامد بالنسبة للأمواج، ففي حال تحريك الأمواج للوصلات للأعلى والأسفل ستقوم بدفع المضخات الهيدروليكية لتوليد الكهرباء، ويقوم بعد ذلك كابل تحت الماء بنقل الكهرباء إلى الشاطئ، أما بالنسبة للتأثيرات التي تحدثها للبيئة فهي مشابهة لجهاز الرأس النقطي الطافي، مع وجود قلق إضافي على الكائنات الحية لتعرضها للقبض من قبل وصلات القطع العائمة.

محوّل الموجات المندفعة المتغيّرة Oscillating Wave Surge Converter

هذه الأجهزة عادةَ تتصل بإحدى نهاياتها بناء معيّن (أو مجسّم) أو في قاع البحر، أما الطرف الآخر له فيكون حراَ في الحركة، حيث يتم جمع طاقة الأمواج، من حركة المجسّم النسبية للنقطة الثابتة.ويأتي هذا الجهاز بأشكال عدّة كالطوافات أوالألواح، أوالأغشية، وهناك قلق بسيط من خطورة حدوث التصادم في هذا الجهاز، كذلك من الانثناءات الناتجة بالقرب من النقطة الثابتة، أو من تأثير المجال الكهرومغناطيسي للكوابل تحت سطح البحر، وكذلك امتصاص طاقة الأمواج، تؤثر على فعالية نقل رواسب البحر.

بعض هذه التصاميم لهذا الجهاز تستخدم أجزاءَ من العاكسات كوسيلة لزيادة طاقة الموجة عند لحظة التقاطها، وتستخدم حركة الأمواج الصاعدة والمنخفضة لالتقاط تلك الطاقة، وحالما يتم التقاط تلك الطاقة فإنه يجب نقلها فوراً لنقطة الاستخدام مباشرة أولوصلة مثبّتة بشبكة الكهرباء عن طريق كوابل لنقل الطاقة الكهربائية.

أجهزة العمود ذو منسوب الماء المتغيّر Oscillating Water Column

يتم وضع هذه الأجهزة على الشواطئ أوفي المياه العميقة بعيداً عن الشواطئ للاستفادة من طاقة الأمواج . ويتم دمج ما يعرف بالغرف الهوائية مع هذه الأجهزة، حيث تقوم الأمواج على ضغط الهواء داخل هذه الغرف ليمر بقوّة داخل توربينات هوائية لتوليد الطاقة، من الجيد في هذه الطريقة هو أن التوربينات تدور بغض النظر عن اتجاه الهواء سواءً لداخل الغرفة أوخارجها.يصدر أثناء دفع الهواء داخل هذه التوربينات صوت عالِ قد يؤثر على الطيور والكائنات الحية القريبة من هذا الجهاز، وهنالك قلق آخر من أن تحتجز الكائنات الحية داخل هذه الغرف الهوائية لهذه الأجهزة.

الأجهزة العائمة Overtopping Devices

تتميّز هذه الأجهزة بكونها ذات هياكل طويلة ممتدة حيث تستفيد من سرعة الأمواج وذلك لملئ خزّان بكميّة من المياه بمستوى أعلى من المياه المحيطة به في البحر، يتم بعد ذلك التقاط طاقة الأمواج القصوى الناتجة عند أعلى الخزان باستخدام توربينات ذات رأس منخفض.الأجهزة قد تكون على الشاطئ أو قد تطفو بعيدة عنه، لكن هنالك قلق من تلك الطافية، وذلك بسبب أنظمة الربط الخاصّة بها والتي قد تؤثر على الكائنات الحية في الأعماق حيث قد تتعرض للاشتباك بها، أومن الحقل الكهرومغناطيسي الناتج من الكوابل الموجودة تحت الماء. وهنالك كذلك مخاوف من إزعاج التوربينات ذات المستويات المنخفضة للكائنات المقيمة بالقرب من هناك.

كما ذكرنا فيما سبق هنالك تأثير محتمل على البيئة البحرية عند استغلال طاقة الأمواج، كالتلوث الضوضائي والذي من الممكن أن يكون له تأثيراً سلبياَ إذا لم يتم التحكم به، كذلك التلوث السمعي والبصري الضخم الصادر عن كل تصميم، وأيضاً تم عمل دراسات عن وجود تأثيرات فيزيائية حيوية أخرى على النباتات، والحيوانات، ورواسب البحار، وتدفق المياه.

بالإضافة لوجود تحديات اجتماعية واقتصادية، فمثلاُ هذه التقنيات تمنع الصيادين من القيام بأعمالهم بشكل جيد، وكذلك لها تأثير على تغذية الشواطئ بالرمال مما سيغيّر من شكل السواحل والشواطئ، بالإضافة لتأثيرها على الملاحة، لكن يمكن السيطرة والتحكم بذلك بإتباع التعليمات المتّفق عليها، فمن غير المعقول أن نغفل عن مثل هذه الفرصة العظيمة لاستخدام طاقة الأمواج، التي سخّرت لنا ونحن لم نستخدم سوى خمسها، في الوقت الذي يمكننا الاستفادة منها بأقصى ما نستطيع بديلاً عن النفط ومصادره القليلة القابلة للنفاذ وتأثيرها الضخم والسيئ على البيئة.