أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة إمبريال كوليدج لندن زيادة انتشار مبادرات الحفاظ على النظم البيئية، ما يساعد العلماء وصناع القرار في العالم على إطلاق برامج بيئية تحظى بالقبول.

وصاغت الدراسة نموذجًا لكيفية اعتماد مبادرات الحفاظ على امتداد الأقاليم والبلدان حتى وصولها إلى نطاق يمكن أن يحدث تأثيرًا حقيقيًا على حفظ التنوع البيولوجي أو تحسينه. وحدد الفريق طرائق يمكن بها تعزيز فوائد المبادرات الجديدة أو القائمة، ما يشكل دعمًا للجهود المبذولة.

حافز قوي لتسريع انخراط المجتمع ضمن عمليات الحماية

ويشير البحث إلى أن أحد العوامل الأساسية للانتشار الواسع لتلك المبادرات، يعود لتسهيل الاتصال بين المجتمعات التي طبقت مبادرات الحفاظ ومجتمعات لديها قابلية لتبني تلك المبادرات، فإن أنشأ مجتمع محمية بحرية محلية مثلًا، سيتحدث عن الإنجازات والفوائد الناتجة عن الحماية لمجتمع آخر يفكر بخطوة مماثلة ليشكل بذلك حافزًا قويًا لتسريع انخراط المجتمع ضمن عمليات الحماية.

ضرورية لحماية التنوع البيولوجي والنظم البيئية

وقالت الدكتورة مورينا ميلز من مركز السياسات البيئية في الجامعة، إن «مبادرات الحفاظ على الموارد؛ مثل إدارة موارد صيد الأسماك وتعويض نقص الأرض لإيصالها إلى الحالة الأصلية، ضرورية لحماية التنوع البيولوجي والنظم البيئية عالية القيمة التي تضمن تزويدنا بالمياه والهواء النظيفين.»

وأضافت «وجدنا أن معظم هذه المبادرات تنتشر كالعدوى، إذ تنتقل من مجتمع طبق هذه الفكرة مسبقًا إلى آخر على وشك تبنيها. ونأمل أن تتيح رؤيتنا عن كيفية انتشار مبادرات حفظ التنوع البيولوجي للممارسين من أصحاب الاختصاص الوصول إلى نطاق كبير، وهو أمر ضروري لإحداث تأثير ملموس ومستدام.»

وأخضع الباحثون 22 مبادرة للدراسة، من جميع أنحاء العالم، لمعرفة آلية ومدى سرعة انتشارها، ونشرت البحث مجلة نيتشر سوستينابليتي البريطانية.

وشملت الدراسة مبادرات؛ منها الحفاظ على الأراضي والمياه، انطلاقًا من البلدان منخفضة الدخل إلى البلدان ذات الدخل المرتفع، وعلى المستويات المحلية والوطنية والدولية. وتراوحت المبادرات بين قرًى تقدم الحماية لمواقع بحرية محلية، وحكومات تعين مناطق محمية كمواقع للتراث العالمي؛ ويشمل ذلك المناطق المحمية من الدولة والقطاع الخاص.

ووجد الفريق أن 83% من البرامج بدأت ببطء فتسارعت ثم عادت إلى البطء مرة أخرى، إذ يكون التبني الأولي للفكرة بطيئًا مع قلة الأفراد الذين يتعاملون معها، إلا أنه يزداد بسرعة عند تواصل الأفراد المتبنين للفكرة مع آخرين يُحتمل انخراطهم فيها. ثم ينخفض مرة أخرى بعد تحديد المتبنين للفكرة والرافضين لها.

ويعد برنامج أنظمة إدارة الموارد في المياه المحلية للمجتمعات على امتداد جزر سليمان وفيجي، جنوب المحيط الهادئ، من الأمثلة على النموذج السابق. في حين يتبع مخطط مماثل في ساموا، جنوب المحيط الهادئ، مسارًا مختلفًا، إذ شهد المخطط تسارعًا بمساعدة الحكومة التي وفرت القوارب وموارد الاستزراع المائي لتجذب المجتمعات على تنبني المخطط.

ضرورة ابتكار وتطوير أفكار أخرى

ويرى الباحثون بضرورة ابتكار وتطوير أفكار أخرى لمكونات المبادرة، لمساعدتها على الانتشار بنجاح، إذ لا تحتوي المبادرات التي درسوها على الخصائص المرغوبة المتمثلة في الانتشار السريع والتبني من جميع الجهات المتوقعة، ولا تشمل تلك المبادرات إلا إحدى الميزتين فقط، وأكثر من نصف المبادرات لم يعتمدها سوى 30% من المتبنين المحتملين.

وقالت ميلز «لم نجد في دراستنا أي مبادرات شملت انتشارًا سريعًا مع نسبة كبيرة من المتبنين. ونسعى لفهم أكبر حول كيفية تأثير السياق المحلي على سرعة الانتشار، لنتمكن من إيصال المبادرات المفيدة للطبيعة والناس إلى أكبر نطاق.»