هل تحتوي أعماق القمر على المعادن الثمينة؟
تشير نتائج دراسة علمية جديدة أجراها علماء الجيولوجيا في كندا والولايات المتحدة، إلى أن مخزونا من المعادن النفيسة قد يكون موجودا تحت سطح القمر.
وقد توصل العلماء إلى هذه النتائج بعد رسم أوجه الشبه بين الرواسب المعدنية الموجودة على الأرض والقمر، وإجراء محاكاة حول ظروف تكون القمر تظهر احتواءه على معادن مثل البلاتين والبلاديوم.
كما تقدم هذه النتائج تفسيرا لأسباب عدم العثور على أثر لوجود هذه المعادن في الصخور القمرية التي تم جلبها في سبعينيات القرن الماضي خلال رحلات أبولو المأهولة إلى التابع الأرضي.
تشابه بين الأرض والقمر
يعتقد علماء الجيولوجيا منذ فترة طويلة أن القمر قد تشكل بسبب اصطدام كوكب مجهول بالأرض قبل 4.5 مليارات سنة، وبسبب هذا الماضي المشترك توقع العلماء أن يكون للجرمين تركيبة متشابهة.
لكن القياسات التي أجريت حول تركيزات المعادن الثمينة في الصخور البركانية القمرية عام 2006 أظهرت مستويات منخفضة بشكل غير متوقع عما هو موجود على الأرض، مما أثار حيرة العلماء.
في الدراسة الجديدة المنشورة في دورية “جيو ساينس” العلمية في أغسطس/آب الماضي، استخدم باحثون من جامعة دالهوزي في كندا وجامعة كارلتون ومختبر الجيوفيزياء في واشنطن، ما تمت ملاحظته على الأرض حول خصائص الطبقات الجيولوجية الغنية بالمعادن النفيسة وتركيبتها، للوصول إلى استنتاجات مماثلة بالنسبة للقمر.
إذ لاحظ العلماء في السابق ارتباط وجود المعادن الثمينة في الأرض ببعض المركبات، على غرار كبريتيد الحديد.
و”يشير فحص الرواسب المعدنية على الأرض إلى أن كبريتيد الحديد مكان رائع لتخزين المعادن الثمينة، مثل البلاتين والبلاديوم” كما يقول المؤلف الرئيسي للدراسة جيمس برينان، الأستاذ في قسم علوم الأرض والبيئة في دالهوزي.
قام برينان وزملاؤه بإجراء تجارب لمحاكاة الضغط الشديد ودرجة حرارة الجزء الداخلي للقمر، لتحديد مقدار نسبة كبريتيد الحديد.
كما قاسوا تركيبة الصخور والكبريتيد الناتجة عن ذلك، وأكدوا ارتباط وجود المعادن النفيسة بكبريتيد الحديد.
ولتفسير سبب التركيزات المنخفضة لهذه المعادن في صخور سطح القمر التي تم جلبها من القمر خلال رحلات أبولو 15 و17 في أوائل سبعينيات القرن الماضي وتحليلها عام 2006، يعتقد العلماء أنها استقرت في الأعماق عندما تدفقت الصهارة على سطح القمر قبل حوالي 4.5 مليارات عام.
غير أن الدكتور برينان يقول إنهم سيحتاجون إلى عينات من الجزء العميق الصخري من القمر، حيث نشأت الحمم القمرية، من أجل تأكيد نتائج هذه الدراسة الجديدة.
فاستكشاف القمر ليس بالسهولة التي استكشف بها العلماء التركيبة الجيولوجية للأرض وتوصلوا خلالها إلى الحصول على عينات من تركيبة الطبقات الجيولوجية العميقة، إذ يحتاج العلماء إلى أكثر من العينات التي تم جلبها إلى الأرض لتحديد تركيبة الطبقات الداخلية للقمر.
لذلك اتجه العلماء إلى تحليل نتائج الاستشعار عن بعد بواسطة الأقمار الصناعية التي تشير إلى احتمال انكشاف طبقات داخلية للقمر داخل الفوهات الهائلة والعميقة الناتجة عن ارتطام النيازك، خاصة في حوض “أيتكين” في القطب الجنوبي للقمر حيث توجد فوهتا “شرودنغر” و”زيمان” العظيمتان.