النفايات الفضائية.. خطر داهم على الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية
شهدت السنوات القليلة الماضية، تزايد كبير في كمية النفايات الفضائية ومخلفات المركبات الفضائية والأقمار الصناعية المعطلة، وقد أثارت هذه المخلفات جدلا كبيرا في الأوساط العلمية، حيث تبين أنها يمكن أن تشكل خطرا داهما على مركبات الفضاء العاملة في الفضاء حول الأرض، كما يمكن أن تشكل خطرا على سكان الأرض أيضا.
وقد بلغ عدد الأقمار الصناعية التي أطلقت منذ عام 1957إلى الفضاء الخارجي حوالي ستة آلاف، وحوالي 800 منها يعمل حاليا لخدمة أغراض في مجال البحث العملي والمجال العسكري ومجال الاتصالات، مما يعني أن الفضاء الخارجي أصبح ـ في نظر الخبراء ـ منطقة مرورية مزدحمة وخطرة.
وحسب ما ذكر موقع دويتشه فيليه الألماني، فإن القمر الصناعي ENVISAT التابع لوكالة الفضاء الأوروبية ESA يسير بدقة متناهية، إلا أن هناك مخاوف من احتمال توقفه عن العمل، وذلك لأسباب عدة منها ـ وفق هاينر كلينكارد مدير قسم النفايات الفضائية في وكالة الفضاء الأوروبية ـ إلى جانب نفاذ الوقود، احتمال اصطدامه بالنفايات التي تحوم في الفضاء الخارجي. على أن الاحتمال الأكبر هو وقوع اصطدام بينه وبين قمر آخر، لاسيما بعد حادثة مشابهة قبل نحو شهرين.
تصادم قمرين صناعيين للمرة الأولى
حادثة التصادم هذه وقعت في شهر فبراير 2009، حيث اصطدم قمران صناعيان تابعان لكل من أمريكا وروسيا، الدولتين الرائدتين في مجال الفضاء، واللتين أطلقتا هذين القمرين لأغراض تجارية. وكما يقول كليكارد، وبالرغم من هذه السابقة هي الأولى من نوعها في عالم الفضاء، إلا أن أمرا من هذا القبيل كان متوقعا منذ وقت طويل.
والآن ونتيجة هذه الحادثة فإن المخاوف تثور من أن يلحق الضرر بالأقمار الصناعية الأخرى العاملة في الفضاء الخارجي، ومنها ENVISAT، إذ يتهددها خطر الاصطدام مع النفايات الفضائية الناجمة عن الاصطدام. ويقصد الخبراء بمصطلح النفايات الفضائية كل ما يفقد في الفضاء، ابتداء بالمفكات، مرورا ببقايا مشغلات الصواريخ، وانتهاء بأجزاء كاملة من أقمار صناعية لم تعد صالحة للعمل.وقد يتفاوت متوسط قطر هذه النفايات من مليمتر واحد إلى عدة أمتار.
أجزاء صغيرة مصدر خطر كبير
إن الأجزاء كبيرة الحجم من هذه النفايات بحسب الخبير كلينكارد، هي التي تتسبب في حدوث مشاكل جمة، إذ تنجم عنها سلسلة من الحوادث قد تقود إلى حادثة تصادم أقمار صناعية ذات أبعاد كارثية. إن حادثة من هذا النوع من شأنها تعريض الأقمار الصناعية الأخرى للخطر.
وطبقا لرأي الخبير فإن أصغر جزء من هذا الحطام، قد يشكل أيضا مصدرا كبيرا للخطر، إذ عندما يصطدم قمر صناعي بإحدى هذه الأجزاء، وإن كان قطرها يبلغ سنتمترا واحدا، فإن هذا يمكن أن يتسبب في إنهاء المهمة التي يقوم بها القمر.
وهناك قائمة أعدتها محطة الرصد الفضائية الأمريكية، تحتوي على ما يفوق عشرة آلاف جسما كبيرا يمكن تصنيفها في إطار النفايات التي تحوم في الفضاء، أما عدد الأجزاء الأصغر والتي يقل قطرها عن سنتمتر واحد، فهو يفوق ستة ملايين قطعة، وهي في العادة مخلفات ناتجة عن انفجارات.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: هل من الممكن أن تصل هذه الأكوام من النفايات يوما إلى الأرض؟. ورغم أن رئيس الفريق المسؤول عن القمر الصناعي ENVISAT لا ينفي هذه الفرضية بشكل قاطع، إلا انه يقول إن احتمال حدوثها ضئيل للغاية.
ويقوم مركز المراقبة في مدينة دارمشتادت بغربي ألمانيا بجهود حثيثة، لمنع وقوع حوادث اصطدام بالأقمار الصناعية الأوروبية الإحدى عشر العاملة في مجال البحث. وتتم هناك مقارنة مسار الأقمار الأوروبية بالقائمة الأمريكية التي تحدد مواقع النفايات الفضائية، وتنشأ عبر هذه المقارنة ما يشبه التقويم الأسبوعي، وعلى أساس ذلك يتم إعداد الخطط لتفادي حوادث الاصطدام.
نظام أوروبي لمراقبة النفايات
لكن هذا التقويم يحتوي على ثغرات كثيرة، إذ لا بد من توفر المعرفة التقنية والرادارات فائقة الدقة، لتتبع حركة النفايات في الفضاء. وهذه الإمكانيات تتوفر حتى الآن لدي الدولتين الرائدتين في مجال الفضاء؛ روسيا وأمريكا. ولهذا فإن علماء الفضاء الأوروبيين يتطلعون إلى بناء نظام خاص بهم لمراقبة النفايات النووية. ويرى مدير قسم النفايات الفضائية في وكالة الفضاء الأوروبية ESA، أنه في غياب هذه المعرفة التقنية، لا يمكن توفير أساليب موثوق بها تساعد في تفادي الاصطدامات في الفضاء.