بعد مليارات قليلة من نشوء الكون الذي يعتقد في أحسن القياسات بأنه قد نشأ قبل حوالي 12.5 مليار سنة على إثر الانفجار الاعظم اخذت ما نسبته 20 % من الغازات بالتكاثف شيئا فشيئا حتى تجمعت وتكونت منها المجرات والنجوم، ولتبقى بقية المادة الغازية على شكل مادة مظلمة أو سديمية غبارية غير مرئية تربط بين أجزاء المجرات على شكل شبكة ذات حرارة فائقة.

غير مرئية لنا

وحتى عهد حديث لم يكن أحد قد لاحظ وجود هذه الشبكة بسبب حرارتها العالية التي لا تسمح للتلسكوبات البصرية والراديوية أو تحت الحمراء من التقاطها إلى أن بدأت اربع فرق بحث تعمل في هذا السبيل وباستخدام تلسكوب الفضاء تشاندرا للأشعة السينية باكتشاف أجزاء من هذه الشبكة الكونية العملاقة فالحسابات التي بنيت على أساس نظرية الانفجار الأعظم وعلى أساس رصاد كونية أخرى تؤكد وجود هذه الشبكة في عصرنا الحالي، غير أنها غير مرئية لنا.

حرارتها بين 300 ألف درجة وثلاثة ملايين درجة سلسيوسية

فقد استخدمت ثلاث فرق منها وهي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة أوهایو ومعهد هارفارد للفيزياء الفلكية تلسكوب الفضاء تشاندرا لدراسة الأشعة السينية القادمة من أجرام سحيقة البعد تدعي الكوازارات أو أشباه النجوم، فوجدوا بأن جزءا من هذه الأشعة السينية قد تم امتصاصه من قبل الشبكة الغازية المفترضة بعد أن تم ملاحظة ذلك بواسطة التلسكوب فمن كمية الأشعة الممتصة قدر العلماء درجة حرارة المناطق التي عثروا عليها من الشبكة وحسبوا كتلتها وكثافتها فقد بلغت تقديرات درجة حرارتها بين 300 ألف درجة وثلاثة ملايين درجة سلسيوسية وتبين أن إحدى هذه المناطق تضم مجرتنا ومجرة المرأة المسلسلة التي تبعد عنا مليوني سنة ضوئية، إضافة إلى المجرات المجاورة لنا في نفس الحيز.

في حين أن الفريق الرابع من جامعة متشفان وجد دليلا على هذا الغاز الخفي بدراسة الأشعة السينية المنبعثة منه والتي تم امتصاصها من قبل المجرات الأقرب إلى الأرض، تماما كما يفعل الطبيب عند تشخيص صورة الأشعة السينية فهو يری آثارها ولا يرى الأشعة نفسها.

وفي ذات الوقت الذي يكشف فيه الستار عن هذه الشبكة الغازية الكونية، يعتقد النظريون الفيزيائيون بأن الكتلة التي يمكن العثور عليها في هذه الشبكة ستفوق كتلة كل النجوم والمجرات الموجودة في الكون، وبهذا الاكتشاف يمكن الاستدلال على أماكن وجود المادة المظلمة التي لا يزال العلماء يجهدون للعثور عليها.