الشوندر السكري أحد أهم المواد الخام لصناعة السكر.
البرازيل وأمريكا التفتتا مبكرا لكفاءة غاز الايثانول المشتق من السكر كوقود بديل للبنزين، واليوم شرعت شركات ألمانية في زيادة الاستثمار في قطاع الطاقة البديلة أملا منها في تقديم الطاقة بأسعار معقولة وتخفيف التبعية للنفط.

يتم سنويا تداول 150 مليون طن سكر في الأسواق، لا تستخدم كلها في صناعة الحلويات، بل يتم تحويل جزء منها إلى غاز الايثانول الذي يعد بديلا جديا للبنزين. وقد أدركت دول مثل البرازيل وأمريكا منذ سبعينيات القرن الماضي مدى كفاءة هذا الغاز كوقود للسيارات، واليوم تبدأ شركات ألمانية الاستثمار في هذا القطاع المتنامي أملا في تقليل الاعتماد على النفط، وتقديم الطاقة بأسعار معقولة للمستهلك.

السكر مصدر للطاقة

شهدت الفترة الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في سعر النفط، حيث تعدى سعر البرميل الواحد سقف السبعين دولار. هذا الارتفاع دفع قطاع الطاقة الألماني للبحث عن بدائل جدية للنفط، فبدأ الاهتمام بغاز الايثانول إقتداء بالتجربة الأمريكية والبرازيلية. شركة سودتزوكر Südzucker العملاقة ورائدة صناعة السكر في أوروبا أفردت خط إنتاج متكامل للايثانول، وأصبحت تنتج سنويا 260 ألف متر مكعب من هذا الغاز. وبشكل عام تُصنع في أوروبا اليوم 3 ملايين متر مكعب من الغاز، وهي كمية وإن بدت كبيرة فهي لا تقارن بحجم المنتج في أمريكا والبرازيل.

ويعود اهتمام البرازيل باستخدام الايثانول كمصدر للطاقة إلى فترة السبعينات، حيث شهدت اسعار النفط ارتفاعا مهولا بسبب المقاطعة العربية. ونجحت المشاريع المدعومة من الدولة في العثور على بديل معقول للبنزين ألا وهو غاز الايثانول، وتم على الفور إنتاجه وتوظيفه في السوق. وفي أمريكا بدأت مشاريع البحث عن طاقة بديلة في فترة نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات من القرن الماضي. أما في أوروبا فقد شهدت فترة السبعينات الاهتمام بمشروعات مثيلة لكنها سرعان ما توقفت بسبب انتهاء أزمة النفط وعودة الأسعار إلى معدلاتها الطبيعية.

عقبات

غير أن هناك بعض العقبات التي تقف في طريق استخدام غاز الايثانول على نطاق واسع في أوروبا. فأولا لا تسمح القوانين الأوروبية بمزج البنزين بنسبة تزيد عن 5 بالمائة من غاز الايثانول، وذلك على خلاف البرازيل مثلا حيث يمكن مزج البنزين بالايثانول حتى نسبة 25 بالمائة، كما يمكن لسائق السيارة استخدام الايثانول الصافي كوقود. في أمريكا تصل نسبة المزج المسموح بها إلى 10 بالمائة. لتوتز جودريان مدير التسويق في شركة سودتزوكر يقول: “نتمنى كثيرا رفع نسبة المزج المسموح بها، وهو ما يتطلب بالتأكيد التنسيق مع قطاع صناعة السيارات، وقطاع انتاج الزيوت المعدنية”. أما العقبة الأخرى فهي عدم وجود محطات وقود كافية يمكنها تقديم الوقود الحيوي، كالديزل الحيوي المصنوع من نبات الشلجم أو الايثانول الحيوي، للمستهلك.

فيما يخص قطاع صناعة السيارات فهناك بالفعل موديلات حديثة تسمح بمزج الوقود في محركاتها. 70 بالمائة من السيارات الجديدة في البرازيل، بما فيها سيارات فولكس فاجن الالمانية، مزودة بمحركات تسمى فليكسي فويل Flexi-Fuel-Motors، تتمتع هذه المحركات بالقدرة على توليد الطاقة من البنزين العادي أو من البنزين المخلوط بالايثانول أو من الايثانول الخالص، الامر الذي يتيح مرونة واسعة في اختيار الوقود المناسب.

شركة سودتزوكر ترغب في استثمار 500 مليون يورو في قطاع إنتاج الايثانول، وتقوم حاليا ببناء أماكن إنتاج في كل من النمسا وفرنسا والمجر، كما تخطط لإنشاء معمل تكرير في بلجيكا. غير أن أكبر مصنع لإنتاج الايثانول يقع حاليا في تسايتس (شرق ألمانيا). يقول جودريان: “نحن مرتبطون بجذورنا في ألمانيا حيث نحصل على المواد الخام التي نحتاجها لعملية التصنيع. ونرغب أن نتطور ونتوسع محتفظين بمركزنا في وسط أوروبا”.