أخطار الحروب تعيد الذهب إلى عرشه كملاذ آمن
مع اشتعال الكثير من بؤر الصراع والتوترات السياسية في العالم بدءا من إيران وليس انتهاء عند هونغ كونغ والأرجنتين عاد الذهب إلى عرشه كملاذ آمن ليصل إلى أعلى مستوى له منذ ست سنوات.
مخاوف من تباطؤ كلي للاقتصاد العالمي
ومع عزوف المستثمرون عن الأصول العالية المخاطر بفعل حالة القلق تجاوز المعدن النفيس الأسبوع الجاري حد الألف وخمسمئة وخمسة عشر دولارا للأوقية وسط توقعات بزيادات جديدة مع اتجاه المزيد من السفن الحربية إلى الخليج وتصاعد حدة التوتر في هونغ كونغ ومخاوف الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين ، ومخاوف من تباطؤ كلي للاقتصاد العالمي فضلا عن تراجع قيمة الدولار واتجاه العديد من الدول للتخلي عنه في حساباتها التجارية لصالح الذهب.
تتنوع استخدامات الذهب ما بين مخزن للقيمة ومشغولات ذهبية تستخدم غالبا للزينة واستخدامات طبية وصناعية أخرى، لكنه يكتسب بريقا خاصا في العالم العربي والشرق بوجه عام ما يجعل تأثر أسعار الذهب عنصرا مؤثرا في حياة المجتمعات.
إجمالي احتياطي المعدن النفيس في العالم العربي لا يتجاوز 1006 أطنان
وعن الوضع في العالم العربي تفيد تقارير مجلس الذهب العالمي أن الدول العربية تحتل موقعا متأخرا على قائمة الدول المنتجة للذهب ولا يتجاوز إجمالي احتياطي المعدن النفيس في العالم العربي 1006 أطنان وتتصدر السعودية قائمة العرب من حيث احتياطي الذهب بـ 323 طنا يليها لبنان بـ بنحو 287 طن فيما يملك العراق حوالي 90 طنا ومصر 77 طنا وسوريا 26 طنا.
قال الخبير الاقتصادي اللبناني الدكتور غازي إن أسعار الذهب تتطور عالميا حسب الاستقرار السياسي والأمني والمالي وما يحدث حاليا في هونغ كونغ وبين الولايات المتحدة والصين التي ستصبح في السنوات القادمة أكبر اقتصاد في العالم وما يتبعه من قلق في الأسواق العالمية دفع المستثمرين إلى البحث عن الذهب كملاذ آمن .
وأكد وزني أن قيمة العملات لم تعد مرتبطة بالذهب منذ قرارات الرئيس الأمريكي نيكسون في 1973 لكن الذهب يبقى كنوع من الضمانة والدول تتجه إليه لتنويع استثماراتها ويلجأ إليه المستثمرون أيضا كعنصر أكثر استقرارا من العملات كما تعتبره الدول ضمانة لنسب المستثمرين في الخارج وهو ما جعل المصارف المركزية تقبل على شراء الذهب.
وحول الارتباط المتباين بين النفط والذهب قال وزني إن الارتباط سببه الأساسي عدم الاستقرار والقلق العالمي على النفط وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وفي نفس الوقت يوجه المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن لكن هذا الارتباط يختفي مع تلاشي المخاوف.
وأكد أن لبنان يمتلك احتياطي ذهب يقدر بنحو 13 -14 مليار دولار بما يصل إلى ربع حجم الاقتصاد الوطني تقريبا، وهو عنصر مهم وداعم لقيمة العملة ويسهم في تحسين التقييمات الدولية للبلاد خاصة في ظل وجود قانون يمنع من التصرف في هذا الاحتياطي ويعتبره ضمانة للأجيال القادمة.
سيظل الدولار هو المهيمن في المعاملات التجارية
وقال الخبير الجيوسياسي والاقتصادي د. بيير عازار إن قوة الولايات المتحدة في الدولار وأبرز ما تشهده منظومة الاقتصاد العالمي حاليا هو التجمعات الإقليمية وهي لا تستطيع مهما حاولت في اللحظة الراهنة التخلي عن التعامل بالدولار لأنها بحاجة إلى العولمة كما أن المنظومات الإقليمية لا تتمتع بوحدة سياسية وعليه سيظل الدولار هو المهيمن في المعاملات التجارية مشيرا إلى أن مصارف المراسلة التي تتم عبرها عمليات التبادل المصرفي والمقاصة موجودة في أمريكا وتغييرها يضرب كل السياق والنظام المصرفي في العالم.
وأخطر ما يواجه المجتمع الدولي حاليا هو أن التحويلات النقدية لم تعد تخضع بمجملها للمصارف المركزية ولا للأدوات النقدية اللازمة للجمها.
وأكد بيير أن القانون الدولي غير مرتبط بالعملة ولا ينفرد ببنودة حول آليات التعامل مع التبادل التجاري والعملة وعليه تأتي محاولات بعض الدول للتحايل على العقوبات خاصة ان مجلس الأمن لم يفرض هذه العقوبات .
وأكد عازر ان الاستثمار في الذهب يعد من أخطر الاستثمارات ويمكن أن يمثل احتياطي مهم لكنه أيضا يشكل خطرا لوجود تذبذبات هائلة في أسعار المعدن النفيس.
وكشف رئيس الشعبة العامة للمشغولات الذهبية بالاتحاد العام للغرف التجارية في مصر أن حجم تجارة المشغولات الذهبية في مصر وحدها يبلغ 55 طنا في السنة مؤكدا انخفاض الطلب على المشغولات الذهبية إلى 25% بسبب تغيير أولويات المواطن نظرا لارتفاع الأسعار.
وأكد وصفي أن قوة الجنيه المصري ساهمت في كبح ارتفاع أسعار الذهب محليا بنسبة 18 % مشيرا إلى أن ارتفاع الأسعار الحالي يرجع إلى صعود الأسعار عالميا بأكثر من قيمة ارتفاع الجنيه المصري مقابل الدولار.
وأكد وصفي أن مصر تمتلك 120 منجما للذهب منها 99 منجما من المؤكد انها تحتوي على الذهب مشيرا إلى أن العمل يجري حاليا أيضا على مناجم من مصر القديمة لم يتم استكمال انتاج الذهب بها واستنفاد مخزوناتها نظرا لضعف التقنيات في الماضي.