معجون الأسنان
يعتبر معجون الأسنان (Toothpaste) أحد الأشياء التي أضحت من أساسيات الحياة اليومية التي نستخدمها صباحاً ومساءً، بل يستخدمها أغلب الناس على مختلف أعمارهم. لكن هل فكرت يوماً في المكونات الكيميائية التي تدخل فمك باستخدامك لهذا المعجون، وكيف يتم تصنيعه؟ في هذا المقال سنتعرف على مراحل تصنيع معجون الأسنان، والمكونات التي يحتويها، وكيف يساهم كل مكون في الحفاظ على صحة الفم والأسنان.
ربما سيتفاجأ الكثيرون بمعرفة تاريخ معجون الأسنان، وكيف بدأ الناس في استخدامه، ففي هذه الأثناء يستخدم الناس معجون أسنان يتميز بالانسيابية والكفاءة العالية، وذات الأمر ينطبق على فرشاة الأسنان، فمنها الكهربائي واليدوي، لكن كيف كان الأمر في العصور الأولى؟
في الحقيقة لا يعرف الباحثون تحديداً متى بدأ اهتمام الناس بتنظيف أسنانهم، إلا إنهم يظنون أن المصريين كانوا سباقين في استخدام معجون الأسنان، وذلك في عام 5000 قبل الميلاد. في حين بدأ الصينيون والهنود باستخدام معجون الأسنان في عام 500 قبل الميلاد.
كان معجون الأسنان قديماً يُستخدم لنفس الغرض الذي نستخدم المعجون من أجله اليوم، وهو الحفاظ على صحة الأسنان واللثة، تبييض الأسنان، وتنشيط التنفس. كانت مكوناته مختلفة للغاية ومتنوعة، وشملت المكونات المستخدمة مسحوقاً من رماد حوافر الثور وقشر البيض المحترق، ومسحوقاً لنبات المر myrrh. أضاف الصينيون بعد ذلك مجموعة واسعة من المواد مع مرور الوقت شملت النعناع والملح للتعامل مع رائحة الفم الكريهة.
توقف تطوير معجون الأسنان منذ ذلك الحين حتى القرن التاسع عشر حين بدأت كولجيت (Colgate) في صناعة معجون أسنان جديد، وبدأت ببيعه بكميات كبيرة في برطمانات في عام 1873. مع حلول تسعينيات القرن التاسع عشر بدأت كولجيت بتقديم معجون أسنان في أنابيب تشبه تلك المستخدمة حديثاً.
المكونات
يتكون معجون الأسنان من العديد من المكونات، نسرد هنا أهم خمسة منها:
الفلورايد: يعتبر هذا المعدن هو المفتاح الأساسي لمكافحة تسوس الأسنان، إذ يجعل الفلورايد ميناء الأسنان أكثر مقاومة للتآكل الحمضي. ففلوريد الصوديوم يعمل على إصلاح أسنانك عن طريق استبدال الكالسيوم والفوسفور المفقود. عندما يصل إلى أسنانك، يمتصه الميناء ويتم استبدال المعادن المفقودة في عملية تسمى إعادة التمعدن (remineralization) للحفاظ على الأسنان صلبة. وللتأكد من أن معجون الأسنان الخاص بك يحتوي على الفلورايد، تحقق من وجود فلوريد الصوديوم أو أحادي فلوروفوسفات الصوديوم أو فلوريد القصدير الثنائي، فتلك المكونات الثلاثة من الفلوريد هي التي تساعد في الوقاية من التسوس. تحتوي معظم معاجين الأسنان على 0.15٪ فقط من أيون الفلوريد، وهو ما يعادل 1500 جزء في المليون.
الجلسرين: يمنع هذا المكون معجون الأسنان من الجفاف، ويعطيه ملمساً ناعماً يساعده على الانزلاق بسلاسة من الأنبوب. للجلسرين أسماء متعددة، إذ يُعرف أيضاً باسم: الجليسرول أو الجليسرين أو الجلسرين.
السوربيتول: يلعب السوربيتول دورين مهمين: فبالإضافة للجلسرين، هو يساعد على تماسك معجون الأسنان، كما يعمل كتحلية. لكنه -على عكس السكر- لا يسبب تسوس الأسنان.
كربونات الكالسيوم: تعتبر أحد المواد الكاشطة التي تساعد في إزالة الرواسب السنية (Dental Plaque) على الأسنان. تقوم المواد الكاشطة بتنظيف سطح السن، وهذا هو السبب الذي يجعل أسنانك تشعر بالنعومة والنظافة بعد تنظيف الأسنان بالفرشاة. ويمكن أن تساعد أيضاً في تبييض أسنانك. إلى جانب كربونات الكالسيوم، تشمل الأنواع الأخرى من المواد الكاشطة في معجون الأسنان: مواد السيليكا المجففة وأكاسيد الألمنيوم وكربونات المغنيزيوم وأملاح الفوسفات والسيليكات. هذه المواد الكاشطة خشنة بما فيه الكفاية لإخراج الرواسب دون إتلاف الميناء.
لوريث كبريتات الصوديوم: هذا العنصر هو منظف، حيث يخلق رغوة كما هو الحال في الصابون والشامبو. لوريث كبريتات الصوديوم (Sodium lauryl sulfate) يمكن أن يسبب تهيج الفم والقروح. لذلك إذا كنت تعاني من تقرحات الفم المتكررة وتشك في أن معجون الأسنان قد يكون السبب، فابحث عن بديل خالٍ من هذا المركب.
كيمياء معجون الأسنان
تعتمد أغلب المكونات التي نستخدمها في معجون الأسنان على الكيمياء، حيث يتم تحضيرها أولاً قبل بدء عملية التصنيع. لنبدأ أولاً مع فلوريد الصوديوم: المركب الأشهر في معجون الأسنان، حيث يتم إنتاج فلوريد الصوديوم بكميات كبيرة من خلال عمليتين صناعيتين مختلفتين. الطريقة الأولى هي الحصول عليه أثناء تصنيع الأسمدة الفوسفاتية: أثناء صنع الأسمدة الفوسفاتية يُسحق الأباتيت (Apatite) ويُنقع في حمض الكبريتيك (sulfuric acid). يعطي هذا التفاعل حمض الفوسفوريك (phosphoric acid)، كبريتات الكالسيوم (calcium sulfate)، فلوريد الهيدروجين hydrogen) (fluoride، ورابع فلوريد السيليكون (Silicon tetrafluoride). ثم يُفصل فلوريد الصوديوم عن طريق غسل المركبين فلوريد الهيدروجين ورابع فلوريد السيليكون بالماء أو حمض الفلوسيليك (fluosilicic acid). الطريقة الأخرى هي عمل تفاعل تعادل بين حمض الهيدروفلوريك (hydrofluoric acid) مع كربونات الصوديوم sodium carbonate (2HF + Na2CO3 = 2NaF + H2O + CO2) أو هيدروكسيد الصوديوم sodium hydroxide (HF + NaOH = NaF + H2O).
العنصر الثاني في معجون الأسنان الذي يتم تحضيره كيميائياً هو الجلسرين أو (C12H7Cl3O2) فهو لا يتواجد بشكل طبيعي. ويتم تصنيعه من خلال عملية متعددة الخطوات، إذ يتم البدء بهيدروكسي إيثيل (Hydroxyethyl) للوصول للتريكلوسان (الجلسرين).
خطوات الصناعة
بعد نقل المواد الخام إلى المصنع، يتم وزن المكونات، إذ يضمن هذا الدقة في نسب المكونات، ثم بعد ذلك يتم خلط المكونات معاً. عادةً يتم خلط الجلسرين مع الماء أولاً.
يتم خلط جميع المكونات معاً في وعاء الخلط. يتم مراقبة درجة الحرارة والرطوبة بعناية لضمان أنّ المزيج اختلط بصورة سليمة. عادة ما يحتوي وعاء الخلط على كمية تعادل وتكفي لعمل 10000 أنبوب.
قبل أن تمتلئ الأنابيب بمعجون الأسنان، يمر الأنبوب نفسه تحت نافخ ومُفرغ لضمان نظافة الأنابيب. يتم التخلص من الغبار وجزيئات الهواء في هذه الخطوة. يظل الأنبوب مُغطى، لكن يتم فتح الطرف المقابل حتى تتمكن آلة التعبئة من وضع العجينة في الأنبوب.
بعد خلط المكونات معاً يتم التأكد من محاذاة الأنبوب بشكل صحيح، وهنا يقوم جهاز بصري بتدوير الأنبوب. ثم يتم ملء الأنبوب بواسطة مضخة تنازلية. بعد ملئها يتم غلق النهاية بالضغط الشديد. يحصل الأنبوب أيضاً على رمز مختوم عليه يشير إلى مكان ووقت تصنيعه.
بعد امتلاء الأنابيب، يتم إدخالها في صناديق كبيرة من الورق المقوى للتوزيع.