قال تقرير بمجلة ناشيونال إنترست الأميركية إن مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الصين تمثل حقبة جديدة من المنافسة العالمية بين الولايات المتحدة والصين.

وأضافت المجلة بالتقرير أن تمويل الصين لمشاريع التنمية والبنية التحتية يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية وإستراتيجية لبكين على حساب الولايات المتحدة.

يذكر أن “الحزام والطريق” مبادرة صينية قامت على أنقاض طريق الحرير القديم، وتهدف إلى ربط الصين بالعالم عبر استثمار مليارات الدولارات في البنى التحتية على طول طريق الحرير الذي يربطها بالقارة الأوروبية، ليكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، ويشمل ذلك بناء مرافئ وطرقات وسكك حديدية ومناطق صناعية ومشاريع للطاقة.

وأشار التقرير لصاحبه ساغاتوم ساها إلى أن بلدان جنوب شرق آسيا، على غرار كمبوديا وإندونيسيا ولاوس وفيتنام، استفادت من تمويلات صينية لمشاريع توليد الطاقة.

وحذر الكاتب من أن مشاريع توليد الطاقة التي تموّلها بكين تزيد من مشاكل التلوث، إذ وقع تخصيص 40% من إنفاق بنكيْ التنمية وأكسيم الصينيين لتوليد الطاقة الكهربائية من الفحم.

وبحسب التقرير فقد مولت بكين إنشاء محطات لتوليد الطاقة في 38 دولة منذ عام 2013، نصفها تقريبا تعتمد على الوقود الأحفوري.

وباعتقاد الكاتب فإن معظم محطات الطاقة التي تمولها الصين خارج حدودها والتي تعمل بالفحم تستخدم الفحم منخفض الكفاءة، والتي تكون فيها نسبة الانبعاثات الكربونية أعلى مقارنة بأي نوع آخر من مصادر توليد الطاقة، مما يجعل الصين تساهم في تدمير البيئة، وفق تعبيره.

التقرير أشار إلى أن الشركات الصيني أنشأت حوالي 140 مصنعا للفحم خارج الحدود، بما في ذلك في بلدان مثل مصر وباكستان التي لم تكن تستخدم في السابق الفحم.

وأفاد بأنه لطالما أكدت الصين للعالم أن مبادرة الحزام والطرق في الأساس مشروع صديق للبيئة.

وسعت الصين دائما إلى تهدئة المخاوف بشأن مبادرتها متعهدة بإضفاء الاستدامة على هذا البرنامج وعدم تلويث البيئة واتباع المعايير الدولية خاصة ما يتعلق بالديون، في وقت تتهمها واشنطن بأن التمويلات الصينية قد تؤدي إلى ديون تعجز الدول عن خدمتها مقابل البحث عن نفوذ سياسي، وفق ما أوردت رويترز في وقت سابق.

علاقات قوية

وقال الكاتب “في الواقع تعمل بكين على الاستفادة من مشاريع البنية التحتية -التي تلحق أضرارا بيئية واجتماعية- لكسب علاقات دبلوماسية من شأنها أن تضعف الوجود العسكري الأميركي في منطقة المحيط الهادي الهندي، ويمنحها أفضلية تنافسية على حساب الولايات المتحدة في سوق ناشئة مهمة.

على الجانب الآخر من آسيا -يضيف الكاتب- تساعد مشاريع الطاقة المدعومة من بكين الحزب الشيوعي الصيني على تعميق علاقات التعاون مع إسلام آباد في مجال الدفاع، في وقت يتفاقم تلوث الهواء الذي يسبب زيادة حالات الوفيات المبكرة سنويًا.
وذكر الكاتب أنه ينبغي على واشنطن أن تسلط الضوء على الأضرار البيئية والاجتماعية والأفضلية مقارنة بمشاريع الطاقة الأميركية في إطار مبادرات إستراتيجية المحيط الهادي الهندي التي تسعى إلى تنمية أسواق الطاقة بالمنطقة مع الحد من التداعيات البيئية الناجمة عنها.

وقال أيضا إنه ينبغي على الولايات المتحدة توطيد علاقات شراكات القائمة مع أستراليا والهند واليابان، التي تعتبر من أقوى حلفائها في منطقة المحيط الهادي الهندي، بهدف إضفاء طابع دولي على معايير جديدة حول “بنية تحتية ذات جودة عالية”.
صعوبات

ولفت الكاتب إلى أن الولايات المتحدة ستجد صعوبة بالغة في حث البلدان على عدم تلقي تمويل من الحكومة الصينية من جهة، ودفع الأخيرة لعدم تمويل مشاريع الطاقة التي تستخدم الفحم منخفض الجودة من جهة أخرى.

وقال أيضا إن دعم الصين لمشاريع الطاقة خارج حدودها مقابل منع إنشائها داخل البلاد يخدمها مصالحها الذاتية، حيث إنها تعتبر أن صادرات معدات الفحم حلاً لفائض القدرة الصناعية.

وخلص الكاتب إلى أنه في حال تمكنت الولايات المتحدة من دفع الصين لتصبح مزودًا أكثر وعيا بالمساعدة الإنمائية، فسينمو الرخاء العالمي، وستتراجع الزيادة في الانبعاثات الكربونية، وستضعف قدرة بكين على تقديم المساعدات الأجنبية على حساب الولايات المتحدة.