كانَ عددُ السَّياراتِ في القرنِ الماضي على الأرضِ بالآلافِ، أمَّا اليومَ فيوجدُ ما يقاربُ المليارَ سيارةٍ. بمعنىً آخرَ هناكَ سيارةٌ لكلِّ سبعةِ أشخاصٍ على الكوكبِ. إذا تخيَّلْنا الأرضَ كمحطةِ بنزينٍ عملاقةٍ فإنَّ مخزونَها حَتمًا سينتهيْ وهنا تَكمُنُ المشكلةُ. يعتقدُ العديدُ من الأخصائيّين أنَّنا على وشكِ الوصولِ إلى ذروةِ استهلاكِ النفطِ Peak oil، وفي العقودِ القادمةِ سينتهيْ مَخزونُنَا منَ الوقودِ الأُحفوريِّ (وأيِّ شيءٍ مصنوعٍ من النفطِ).فإذا حدثَ ذلكَ فمنْ أينَ لنا بالوقودِ؟ الحلُّ السريعُ هو ايجادُ طريقةٍ لزيادةِ كفاءةِ الوقودِ، أيْ أنْ نُحسِّنَ من المُستهلِكاتِ الّتي نَستخدمُها بحيثُ تَستخدمُ وقودًا أقلَّ، ومنْ خلالِ زيادةِ فُرصةِ إعادةِ تدويرِ الموادِ البتروليّةِ. أمَّا الحلُّ طويلُ المَدَى فقدْ يكونُ بالتَّحَوُّلِ من مُحركاتِ البنزينِ والدِّيزلِ إلى خَلايا الوقودِ الكَهرُبائيَّةِ الّتي تُشبهُ ببساطةٍ بَطارياتٍ دائمةً تَعملُ على غازِ الهيدروجينِ. تَمتازُ بالهدوءِ ولا تُلوِّثُ البيئةَ حيثُ تُعدُّ منْ أنْظَفِ مَصادرِ الطَّاقةِ حتّى الآنْ. لنكْتَشِفَ في هذا المقالِ الخَلايا الشَّمسيّةَ وكيفَ تَعملُ وهلْ هيَ على قَدْرِ تَوقُّعَاتِنَا لَهَا.

ما هي خلايا الوقود؟

يُوجدُ طريقتانِ لِتزويدِ السَّياراتِ الحَديْثةِ بالطَّاقةِ، فأغلب السَّياراتِ تَستخْدِمُ مُحرِّكَ الاحْتراقِ الدَّاخِليِّ، الّذيْ يَقومُ بِحرْقِ الوَقودِ والّذيْ بِدورِهِ يُوَلِّدُ حَرارةً كَافيةً لِدفْعِ المكبَسِ إلى الأعلى والأسفلِ في عمليَّةٍ اسْتمراريَّةٍ تُؤَدّيْ إلى دَفْعِ نَاقِلِ الحركَةِ والعَجَلاتِ ممَّا يُؤَدِّيْ إلى حَرَكَةِ المركَبةِ كَكُلٍّ.

أمّا السَّياراتُ الكهرَبائيَّةُ فهيَ تعمَلُ بِطريقةٍ مُخْتلفةٍ تَمامًا، فبدَلًا منْ عمليَّةِ الاحْتراقِ الدَّاخلِيِّ تعتمِدُ على البَطْاريَّاتِ لِتزَوِّدَ المُحرِّكَ الكَهْرُبائيَّ بالطَّاقةِ الَّلازِمةِ لِتحْريكِ السَّيَّارَةِ. كما يُوجَدُ نوعٌ منَ السَّيَّاراتِ يَجمعُ المُحرِّكينِ معًا (مُحرِّكَ احْتراقٍ داخلِيٍّ ومُحرِّكًا كَهرُبائيًّا ) وتَقومُ بالتَّبديْلِ بيْنَ الاثْنينِ بما يُناسِبُ ظُروفَ القِيادةِ، وتُسمَّى بالسَّيَّاراتِ الهَجيْنَةِ – Hybrid cars.

إنَّ خَلايا الوَقودِ هيَ تَقاطعٌ بيْنَ مُحرِّكَاتِ الاحْتراقِ الدَّاخِليِّ والبطْاريَّاتِ. فهيَ تقومُ باسْتخْراجِ الطَّاقةِ من الوقودِ في المخزنِ مِثلَ المُحرِّكِ(معِ العلْمِ بأنَّ الوَقودَ هنا هو غازُ الهيدروجينِ المَضْغوطِ بَدلًا منَ البنزيْنِ أو الدِّيزلِ) لكنْ على عكسِ المُحرِّكِ، فإنّ خليةَ الوَقودِ لا تحرِقُ الهيدروجينَ بلْ تُفاعِلُهُ معَ الأوكسجينِ منَ الهواءِ لِصُنْعِ الماءِ، و تُشابِهُ هذه العمليَّةُ ما يحدثُ في البطْاريَّةِ و تُنتِجُ خِلالها الكهرباءَ الّتي تُسْتخدمُ لِتشغيلِ المُحرِّكِ (أو المُحرِّكَاتِ) للسَّيَّارةِ. والنَّاتِجُ الزَّائِدُ عنْ هذهِ العَمليَّةِ هوَ المَاءُ ويكونُ نقيّاً لدرجةِ أنَّهُ يُمكنُكَ شُرْبُهُ !

كيف تصنع خلايا الوقود الكهرباء من الهيدروجين؟

يَحدُثُ في خليَّةِ الوَقودِ تَفاعلٌ يُسَمَّى بالـ “كَهروكِيميَائيّ Electrochemical”: ويُسمَّى بالكيميائِيِّ لأنَّهُ عمليّةُ انْدِمَاجِ عُنصرَيْنِ كيميائيَّيْنِ وبما أنَّهُ يُوَلِّدُ الكَهْرُباءَ عنْدَ حُدوْثِهِ فهوَ تَفَاعُلٌ كَهربائيٌّ أيضًا.

تتكوَّنُ خليَّةُ الوقودِ منْ ثَلاثَةِ أجْزاءٍ أساسيَّةٍ مُشابِهَةٍ لِمكوِّنَاتِ البطْاريَّةِ، حيثُ تَمْتَلِكُ قُطبًا مُوجبَ الشُّحْنةِ وهو المُوضَّحُ باللّونِ الأحمرِ، وقُطبًا سالبَ الشِّحنة وهو باللّونِ الأزْرقِ، والكهرل Electrolyte (والذي يُشكِّلُ الوَسَطَ النَّاقِلَ لِلكهْرُباءِ) باللَّونِ الأَصْفَرِ.

يُمكنُنا سَرْدُ عمليَّةِ إنْتَاجِ الكَهْرُباءِ فيْ خَليَّةِ الوَقودِ بالنِّقَاطِ التَّاليةِ:

1- يَمُرُّ غازُ الهيدروجينِ منْ المخزنِ عبْرَ الأُنْبُوبِ (المُمَثَّلِ بالنُّقَطِ باللَّونِ البُنِّيِّ) إلى القُطْبِ المُوجِبِ، وبما أنَّ الهَيدروجينَ قابلٌ للاشْتِعالِ والانْفِجارِ فيجبُ أنْ يكونَ الخَزَّانُ قويّاً ومحميّاً بشكْلٍ كَبيْرٍ.

2- تَحْصُلُ الخَليَّةُ على الأوكْسجينِ منَ الهواءِ (المُمَثَّلِ باللَّونِ الأزْرَقِ الفَاتحِ)، حيثُ يَمُرُّ عَبْرَ الأنْبوبِ الثَّاني نَحْوَ القُطْبِ السَّالبِ.

3- الطَّرَفُ المُوجِبُ (الأحْمَرُ) مَصْنوعٌ منَ البلاتيْنِ، وهوَ مَعدنٌ ثَميْنٌ يَعْمَلُ كحافِزٍ لِتسْريعِ التَّفَاعلِ في خليَّةِ الوَقودِ، عندما تَصِلُ ذَرَّاتُ الهيدروجينِ إلى الحَافِزِ تَنْفَصلُ إلى قِسمينِ: أَيوناتُ الهيدروجينِ (بروتُوناتٌ، شُحنتُها موجبةٌ لأنّها فقدتْ إلكتروناً)، وإلكتروناتٌ. وبما أنَّ ذَرَّةَ الهيدروجينِ تَملكُ بروتُوناً وَحيْداً وإلكترونًا فإنَّ أيونَ الهدروجينِ هوَ عِبارةٌ عن بروتونٍ.

4- وبما أنَّ البروتُوناتِ ذاتُ شُحنةٍ موجبةٍ فإنَّها تَمرُّعبْرَ الكهرلِ (الأصْفَرِ) لِترْتبطَ معَ القُطْبِ السَّالبِ (الأزْرَقِ). حيثُ يتكوَّنُ الكهرلُ من طَبقَةٍ رَقيقةٍ منْ نَوعٍ خاصٍّ منَ البلاستيكِ (Polymer) يُمكنُ للبرُوتوناتِ فقط المرورُ منْ خِلالِها.

5- فيْ ذاتِ الوقتِ، تَنْتقلُ الإلكتروناتُ عَبْرَ الدَّارَةِ الخارجيِّةِ.

6- يَتزَوَّدُ المُحرِّكُ (اللَّونُ البُرتقاليُّ و الأسْودُ) بالكهرباءِ عِنْدَ مُرورِ الإلكتروناتِ منْ خِلالِهِ، ويقومُ بالعمليَّةِ المَطْلوبةِ مِنْهُ منْ خِلالِ الطَّاقةِ الّتيْ حَصَلَ عليْها، وتَصِلُ الإلكتروناتُ فيْ النِّهايَةِ إلى الطَّرَفِ السَّالِبِ.

7- تَتَجَمَّعُ الإلكتروناتُ والبروتُوناتُ عِنْدَ القُطْبِ السَّالِبِ معَ الأوكسجينِ منَ الهواءِ وتَتَفاعَلُ كيميائيًّا مُنْتِجَةً المَاءَ النَّقِيَّ ((، والّذيْ يَخرُجُ كَبُخارِ ماءٍ.

هذا النَّوعُ منْ خَلايا الوَقودِ يُدْعَى PEM. و يُخْتلَفُ عليهِ من ناحيتين: بأنَّ حَرْفَ P قدْ يَرْمُزُ إلى Polymers أو إلى Protons (لأنَّهُ يَتضمَّنُ نَقْلَ البروتُوناتِ عَبْرَ غِشَاءِ البوليميرِ). طَالما تُزَوِّدُ الخَلايا بالأوكسجينِ والهيدروجينِ فإنَّها سَتُولِّدُ الكهرباءَ وبِمَا أنَّ الأوكسجينَ مُتواجِدٌ بِوفْرَةٍ في الهواءِ، فالعمليَّةُ محدودَةٌ فقطْ بِكميَّةِ الهيدروجينِ في الخزْانِ.

مجموعاتٌ من خَلايا الوَقودِ:

بإمكانِ خليةِ وقودٍ واحدةٍ تَوليدُ كَميَّةٍ من الكَهْرباءِ مساويَةٍ للكَميَّةِ النَّاتِجَةِ عنْ بَطْاريَّةٍ جَافَّةٍ، أيْ أنَّهَا لا تَكْفيْ لِتشْغيلِ حَاسوبٍ مَحْمولٍ فَكيفَ سَتُشَغِّلُ سيَّارةً؟ لِذا، تُصَمَّمُ خَلايا الوَقودِ للسَّيَّاراتِ لِتكونَ كُدسًا منَ الخَلايا المُتصِّلَةِ معَ بَعْضها كسلْسِلةٍ. فتَكونُ الطَّاقةُ المُولَّدةُ الكُلِّيَّةُ لها مُساويةً لعددِ الخَلايا مَضروبًا بالطَّاقَةِ الّتي تُولِّدُهُ الخَليَّةُ الواحدةُ.

أنواعُ خَلايا الوقودِ:

شَكْلُ خَليةِ الوَقودِ منَ النَّوعِ proton exchange membrane (PEM) خَليَّةُ هيدروجينٍ بإمكانِها تَوليدُ 5 كيلو واط.
حاليًّا خَلايا الوقودِ منَ النَّوعِPEM هيَ المُفضَّلَةُ لدى المُهنْدسينَ لِتزويدِ السَّيَّاراتِ بالوَقودِ لكنَّهَا ليسَتْ التَّصميمَ الوحيدَ الموجودَ، مثْلَما يُوجَدُ عِدَّةُ أنواعٍ منَ البطْارياتِ كُلٌّ منْها يَسْتَخدِمُ تَفاعُلًا كيميائيًّا مُختلفًا. يوجَدُ عدَّةُ أنواعٍ لخَلايا الوقودِ أيْضًا.

في المركباتِ الفضائيَّةِ يُستخدَمُ تَصميمٌ بِدائيٌّ أكثرَ يُدْعَى خلايا الوقودِ القَلويَّةِ Alkaline fuel cell (AFC)، كما يُمْكنُ تَوليدُ طاقةٍ أكبرَ باسْتخدَامِ تصميمِ خلايا وقودِ الأوكْسيدِ الصَّلبSolid-oxide fuel cell (SOFC) , أمَّا خلايا الوقودِ الميكروبيَّةِ Microbial fuel cells، فهيَ طريقَةٌ عضويَّةٌ تَمتلِكُ خاصيَّةً إضافيَّةً: حيثُ تَسْتخدِمُ مَخزَنًا من البَكتيريا لِتحليلِ السُّكَّرِ أو نَوعٍ آخرَ منَ الوقودِ ليقومَ إمَّا بتوليدِ تيَّارٍ كهربائيٍّ (يُستخدَمُ لتزويدِ المُحرِّكِ بالطَّاقةِ) أو إعْطاءِ الهيدروجينِ (الّذيْ يُغذِّيْ خليَّةَ الوقودِ بالطَّريْقةِ نَفْسِهَا)، كما يُمكِنُ اسْتخدامُ طَريقةٍ أُخْرى فَنَضَعُ لَوحًا شَمسيّاً على سطْحِ السَّيَّارةِ وتُجَزِّءُ الشَّمْسُ المياهَ إلى الهيدروجينِ والأوكسجينِ عنْ طَريقِ المُحلِّلِ الكهربائيِّ للمَاءِ Electrolyzer (سَنشرحُ عنْهُ لاحقًا) تَتَجَمَّعُ هذهِ الغَازَاتُ في خليَّةِ الوقودِ لِتُولِّدَ الكهرباءَ(تَكْمُنُ الفائدةُ منِ اتِّباعِ هذهِ الطَّريقَةِ بَدلًا منْ أخْذِ طَاقةِ الشَّمْسِ بشكْلٍ مُباشرٍ في حينِ أنَّهُ يُمْكِنُ تَخزينُ الهيدروجينِ في النَّهارِ لاسْتخدامِهِ لاحقًا في اللَّيلِ).

منْ أينَ سيأتيْ الهيدروجينُ؟

العديدُ منَ النَّاسِ يَعْتقدونَ أنَّهُ بَعْدَ 150 سنةٍ منَ الآنَ سَتعمَلُ السَّيَّاراتُ على الهيدروجينِ. نَظريًّا، فإنَّ الهيدروجينَ أبْسطُ العَناصرِ الكيميائيَّةِ وأكثرُها تَواجدًا، حيثُ يُشكِّلُ ما يُقارِبُ الثَّلاثَةَ أرباعٍ من جُزيئاتِ الكونِ. لكنْ إذا بَحثْنَا في الهواءِ حولَنا لنْ نَجِدَ هيدروجينًا، إذْ يوجدُ ليترٌ واحدٌ منْهُ لكلِّ مليونِ ليتْرٍ منَ الهواءِ وهنا تَكْمُنُ المُشْكلةُ. منْ أينَ لَنَا بغازِ الهيدروجينِ لِتزويدِ أسْطوُلِ سَياراتِ العَالمِ؟ سيكونُ عليْنا صُنْعُهُ بأنْفُسنا منَ الماءِ بفصْلِ إلى مكوِّنَيْهِ لِنحْصُلَ على الهيدروجينِ والأوكسجينِ . كيفَ؟ عنْ طريقِ المُحلِّلِ الكهربائيِّ للماءِ Electrolyzer.

المُحلِّلَاتُ الكهُربائيَّةُ والتَّحليْلُ الكهُربائيُّ:

المحلِّلُ الكهرُبائيُّ Electrolyzer، هوَ أدَاةٌ كهروكيميائيَّةٌ (تَستخدِمُ الكهرباءَ والكيمياءَ بنفْسِ الوقتِ) تَقْسِمُ المحلولَ إلى الذَّرَّاتِ المُكوِّنَةِ لهُ عَبْرَ تمريرِ الكَهرباءِ منْ خلالِه. بدأَ التَّحليلُ الكهرُبائيُّ في القرنِ الثَّامنِ عشرَ حيثُ قامَ الكيميائيُّ البريطانيُّ سير هامفري دايفي (1829 – 1778) باسْتخدامِ بطْاريةٍ بدائيَّةٍ سميت Voltaic pile لاكْتشافِ عددٍ منَ العناصرِ الكيميائيَّةِ منْها الصوديومُ والبوتاسيومُ.

المُحلِّلُ الكهرُبائيُّ يُشْبِهُ بطاريَّةً تَعمَلُ بالعكْسِ:

في البطَّاريَّةِ: يُوجدُ مَوادٌ كيمائيَّةٌ يُغمسُ فيها القُطبانِ في حافظةٍ مُغلقَةٍ عندما يتَّصِلُ القُطبانِ في دارةٍ تَتَفاعلُ الموادُ الكيميائيَّةُ في الحافظةِ وتُعطيْ التَّيَّارَ الكهرُبائيَّ الّذيْ يَمرٌّ عبْرَ الدَّارَةِ.

في المُحَلِّلِ الكهرُبائيِّ: يُوضَعُ مَحْلولٌ في حافظةٍ ويُغمَسُ فيها القطبانِ ثُمَّ يُوصل إلى بطاريَّةٍ أو أيِّ مَوردِ طاقَةٍ فَتمرُّ الكهرُباءُ عبْرَ المحلولِ. عندَها تَبدَأُ التَّفاعلاتُ الكيميائيَّةُ فينْفصلُ المَحْلُولُ إلى الذَّرَّاتِ المُكوِّنَةِ لهُ, فإذا كانَ المحلولُ ماءً نقيّاً نَجِدُهُ ينقسِمُ بسرعةٍ إلى غازِ الهيدروجينِ (عندَ القُطبِ السَّالِبِ) و غازِ الأوكسجينِ (عندَ القُطبِ المُوجِبِ). عندَهَا يكونُ منَ السَّهْلِ نِسبيًّا اسْتِخْراجُ الغازاتِ وحِفْظُها للاسْتخْدامِ.

كيفَ يَعْملُ المُحلِّلُ الكهرُبائيُّ؟

لنكْتشِفَ كَيفَ يَقومُ مُحَلِّلٌ بَسيْطٌ بِصُنْعِ غَازِ الهيدروجينِ منَ الماءِ:

1 تَصِلُ البطاريَّةُ القُطْبَ المُوجبَ (المِصْعدَ) معَ القُطْبِ السَّالبِ (المِهْبطِ)عبرَ الكهرلِ. في المُختبرِ يُمكنُ أنْ يَكونَ مياهاً نقيّةً أمَّا في المُحَلِّلِ الحقيقيِّ يَتَحسَّنُ الأداءُ بشكْلٍ كبيرٍ عندَ اسْتخدامِ غِشاءِ البوليميرِ الصَّلْبِ الّذيْ يَسْمحُ للشَّوارِدِ بالمرورِ خلالَهُ.

2 عنْدَ التَّشغيلِ يَنْقسِمُ الماءُ ( تَظْهَرُ بنقطتينِ باللّونِ الأحْمرِ معَ نُقطةٍ باللَّونِ الأخْضرِ) إلى أيوناتِ الهيدروجينِ المُوجبَةِ (ذرَّةُ هيدروجينٍ بدونِ إلكترونٍ، اللَّونُ الأحمرُ) وأيوناتِ الأوكسجينِ السَّالبةِ (ذراتُ الأوكسجينِ معَ إلكترونٍ إضافيٍّ, بالأخضرِ).

3 تَجْتمعُ أيوناتُ الهيدروجينِ في القُطْبِ السَّالبِ وتُصبحُ غازَ الهيدروجينِ .

4 تَنْجذِبُ أيوناتُ الأوكسجينِ إلى القُطْبِ المُوجبِ و تَنْدَمِجُ لِتعْطيْ غازَ الأوكسجينِ .

لماذا تَتَطَّلبُ خَلايا الوقودِ الكثيرَ منَ الوقتِ لِتصبِحَ في الأسواقِ؟

يَترقَّبُ النَّاسُ خَلايا الوقودِ مُنْذُ ستِّينيَّاتِ القرْنِ الماضيْ عندَما أثْبَتَ صاروخُ الفضاءِ أبولو إمكانيَّةَ تطبيْقِ هذهِ التِّكنولوجيا. بعدَ أربعةِ عُقُودٍ، منَ النَّادرِ أنْ تَجِدَ سيَّاراتٍ تَعملُ بخلايا الوقودِ في الشَّوارعِ. وهذا يعودُ لعدَّةِ أسْبابٍ: أوَّلاً العالَمُ يَتوجَّهُ إلى إنتاجِ الملايينِ منْ مُحرِّكاتِ البَنْزينِ لأنَّها أَقلُّ تكلِفَةً وتَمَّ اخْتبارُها أكْثرَ ومَوثُوقيَّتُها أعلى. يُمكن أنْ تَشتَريْ سيَّارةً عاديَّةً بسعْرٍ جيِّدٍ ولكنْ حتَّى وقتٍ ليسَ ببعيدٍ، فأسعارُ سيَّاراتِ خَلايا الوقودِ أعلى بمئاتِ الألافِ. (سيَّارةُ تويوتَّا ذاتُ السعر المناسب نسبيًّا Mirai أَطْلقَتْ للعالَمِ في 2016 بسعرِ $60,000 ضِعفيِّ سعرِ Prius هجينةٍ). التَّكْلِفةُ ليسَتْ هي المُشكلَةَ الوحيدةَ حيثُ يَدْعمُ مُحركاتِ البِنزينِ نِظامٌ اقْتصاديٌّ عِملاقٌ يَعتمِدُ على النِّفْطِ: يُوجَدُ كَراجاتٌ لِخدْمَةِ سيَّاراتِ البنزينِ ومحطَّاتٍ للبنْزينِ في كُلِّ مكانٍ. وبالعكْسِ نَجِدُ القَليلَ منَ الأشْخاصِ يَعْرفونَ عنْ سيَّاراتِ خلايا الوقودِ ولا تُوجَدُ محطاتٌ للتَّزْويدِ بالهيدروجينِ. أيْ أنَّنَا بَعيدونَ كُلَّ البُعدِ عنْ نظامٍ اقتصاديٍّ مَبنيٍّ على الهيدروجينِ.

لكنْ منَ المُمكنِ أنْ نَرَى سيَّاراتِ وقودِ الهيدروجينِ تَمْلأُ العالَمَ. حيثُ يُوجدُ العديدُ منْ مصانعِ المُحَلِّلَاتِ الكهرُبائيَّةِ حوْلَ العالَمِ تَصْنعُ الهيدروجينَ من الماءِ. وبِما أنَّ الغازاتِ تَسْتهلِكُ مساحةً أكْبرَ منَ السَّائلِ أو الصَّلْبِ فإنَّنَا نَحْتاجُ إلى أنْ نَحْفظَها بالحالةِ السَّائِلَةِ منْ خلالِ تَعْريضِها لضغْطٍ عالٍ ممَّا يَجْعلُها أسْهلَ للنَّقْلِ والحفْظِ. ثُمَّ يُمْكِنُ نَقْلُها إلى مَحطَّاتِ الوَقودِ حيثُ يُمكِنُ للنَّاسِ أنْ يملؤُوا سيَّاراتِهِم بالهيدروجينِ.

مشكلةُ الهيدروجينِ:

يُستخدَمُ المُحَلِّلُ الكهرُبائيُّ لإنْتاجِ الهيدروجينِ الكثيرَ من الطَّاقةِ، حيثُ نَحتاجُ إلى الكهرُباءِ لفصْلِ المَاءِ، وستكونُ فَعاليَّةُ الخَلايا الشَّمسيَّةِ إذا استُخْدمَتْ لِتولِيدِ هذهِ الطَّاقَةِ نحوَ 10 بالمئةِ وبِما أنَّ المُحَلِّلَ الكهرُبائيَّ يَعملُ بفعاليَّةٍ تُقَاربُ 75 بالمئةِ تُصْبِحُ الفعاليَّةُ الكُليَّةُ 7.5 بالمئةَ فَقَطْ !.

بالإضافةِ إلى ذلكَ، لِيصلَ الهيدروجينُ إلى خزانِ السَّيَّاراتِ فإنَّنَا نَحتاجُ إلى الطَّاقةِ لِنقْلِهِ وضّغْطِهِ (تحويلِهِ إلى الحالةِ السَّائلِةِ). وهنا نُواجِهُ مُشكلَةً حقيقيَّةً لأنَّ كَثافةَ الطَّاقةِ للهيدروجينِ (كميةَ الطَّاقةِ الّتي يَحمِلُها على وحدةِ الحجْمِ أو الكُتْلةِ) هيَ حواليْ خُمْسِ كثافَةِ الطَّاقةِ للبنزينِ، هذا يَعنيْ أنَّنَا نَحتاجُ خَمْسَةَ أضْعافِ ما نَحتاجُهُ منَ البنزينِ لِقطْعِ نَفْسِ المسافةِ (بفَرَضِ أنَّ وَزْنَ سيَّارةَ الهيدروجينِ نفسُهُ لسيَّارةِ البنزينِ وهذا ليسَ مُرجَّحًا بما أنَّ سيَّارةَ البنزينِ تَحْتاجُ إلى مُحرِّكاتٍ ثَقيلةٍ ومحولاتٍ). أيضًا يَتسرَّبُ الهيدروجينُ منْ أغْلبِ الحافظاتِ بسببِ جُزيئاتِهِ الصَّغيرَةِ، فيُصبِحُ تَخزينُهُ لفتراتٍ طويلةٍ أصعبَ. والمُشكِلَةُ الأخرى هيَ أنَّهُ سريعُ الاشْتعالِ، وأيُّ تسْريبٍ قدْ يؤدِّيْ إلى انْفجاراتٍ مُرَوِّعةٍ.

و أخيرًا، تُوجدُ الخسارةُ في الفعاليَّةِ للعمليَّةِ النِّهائيَّةِ – Total Efficiency عندما تُحوَّلُ خَلايا الوقودِ الهيدروجين إلى كهرباءٍ ليَعْمَلَ المُحرِّكُ الكَهرُبائيُّ الّذي يُحرِّكُ العَجَلاتِ.

الهيدروجينُ ليسَ وقودًا:

الهيدروجينُ بنفسِهِ ليسَ وقودًا إنَّما طريقةٌ لِنَقْلِ الوقودِ الّذي صُنِعَ بعمليَّةٍ أُخرى. لذا نَجدُهُ أَقْرَبَ للمقارنةِ معَ البطاريَّةِ (طريقةٌ أخرى لحفْظِ ونَقْلِ الطَّاقةِ) منَ البنزينِ.

تَبدو سيَّاراتُ الهيدروجينِ واعدةً لكنْ إذا كانتْ البطَّاريَّاتُ أَفْضَلَ عندَها سيكونُ الهيدروجينُ انحرافًا مُكلفًا للمسارِ عنْ تَوجُّهِ الأعمالِ في العالَمِ إلى التَّحوُّلِ منَ الوقودِ الأحْفوريِّ إلى طاقةٍ مُتجدِّدَةٍ، كالهيدروجينِ مَثَلاً.

لكنْ الهيدروجينُ لديهِ ميّزةٌ تُعطيْهِ أفضليَّةً أيْضًا

لماذا مازالَ النَّاسُ يُتابِعُونَ خَلايا الوقودِ؟ يَرَى مُناصروهُ أنَّهُ يَمْتلكُ عِدَّةَ ميِّزاتٍ عنْ تكنولوجيا الطَّاقةِ الكهرُبائيَّةِ. حيثُ تَتَطَّلَبُ البطَّاريَّةُ منْ نِصفِ ساعَةٍ إلى طوالِ الّليلِ حتّى يَتمَّ شَحنُها بينما يُمكنُكَ مَلءُ سيارةِ هيدروجينٍ ببضْعِ دقائِقَ فقطْ. و المسافاتُ الّتي يُمْكِنُ قَطْعُها أيْضًا مَوضِعُ جَدَلٍ فالسيَّاراتُ الحاليَّةُ تَزْعَمُ أنَّهُ يُمْكِنُها السَّيْرُ مئاتِ الكيلومتراتِ بينَ الشَّحْنِ والآخرِ، ولكنْ هذا يَعْتمِدُ على كميَّةِ الطَّاقَةِ الّتي تُستهلَكُ على الأشياءِ الأُخرى خلالَ القيادةِ، وتَنْقُصُ المسافاتُ الّتي تَقْطَعُها معَ تَقدُّمِ البطَّاريَّةِ في العُمْرِ. على العَكْسِ نَجِدُ سيَّاراتِ خَلايا الوقودِ تُحافِظُ على مَدَى المسافاتِ كمقابلاتِها منَ السَّيَّاراتِ العاديَّةِ، بالرَّغْمِ منْ ذلِكَ فإنَّ أداءَها يَتناقَصُ بزيادةِ زَمَنِ اسْتعمالِها. تَعمَلُ تقنيَّةُ البطَّاريَّاتِ بشكْلٍ أفْضَلَ في السَّيَّاراتِ الصَّغيرةِ، بينما يَتساوى أداءُ خَلايا الوقودِ في السَّيَّاراتِ والشَّاحناتِ.

هذهِ المُقارنَةُ على تغيُّرٍ مُستمِّرٍ حيثُ تَتَطَوَّرُ كُلٌّ من التّقنيَّتينِ المُتنافسَتينِ – خَلايا وقودِ الهيدروجينِ والبطاريَّاتِ القابلَةِ للشَّحْنِ-.

أيُّ شيءٍ عدا النِّفْطِ؟

لنْ تَتَحوَّلَ شركاتُ السَّيَّاراتِ إلى خَلايا الوقودِ إلّا عندَما تَزْدادُ أَسْعارُ النِّفْطِ، ويُصبَحُ ركوبُ سيَّارةٍ تَعمَلُ على وقودٍ أُحفوريٍّ أمْراً مُكلِفًا وغَيْرَ مُجْدٍ اقتصاديّاً. وحتّى عندَ ذلكَ سَتواجِهُ تَكنولوجيا منافسةً قدْ تَسْبِقُ خَلايا الوقودِ، حيثُ يُمكنُ أنْ نَسْتمرَّ في اسْتخدامِ مُحرِّكاتِ الحَرْقِ الدَّاخليِّ لكنْ باستخدامِ وقودٍ حَيَويٍّ. أوْ أنْ تَكونَ السَّيَّاراتُ الكهربائيَّةُ أكثرَ فعاليَّةً ببطَّاريَّاتٍ يُمكِنُ شَحْنُها منَ المنزلِ. أوْ ربَّما تَنتقِلُ نحْوَ السَّيَّاراتِ الهَجينَةِ الّتي تَقودُها مُحرِّكَاتِ البنزينِ والمُحرِّكاتِ الكهرُبائيَّةِ معًا. هلْ سيمتدُّ مَخزونُ النِّفْطِ إلى أنْ تَظْهَرَ تكنولوجيا جديدةٌ تَمامًا مثلُ سيَّاراتٍ تَعَملُ بالطَّاقةِ النَّوَويَّةِ! لا أحدَ يَعْلمُ ما يَحْمِلُهُ المُستقْبَلُ لكنِ الأمْرُ المؤكَّدُ أنَّ دوْرَ النِّفْطِ سيكونُ أَقلَّ فِيهِ، لذا سيكونُ علينا أنْ نَعتمِدَ على البَدائِلِ:( السَّيَّاراتُ الكهرُبائيَّةُ، الوقودُ الحَيويُّ، خَلايا الوقودِ، وغيرُها).