اكتشاف حالة جديدة للمادة.. صلبة وسائلة في الوقت نفسه
في كشف جديد من نوعه، أعلن فريق بحثي من جامعة “إدنبرة” عن وجود حالة جديدة تماما من المادة، تتمكن فيها الذرات من الوجود في حالتين معا في الوقت ذاته، صلبة وسائلة، ما قد يساعد العلماء في فهم أفضل لطبقات الأرض وطبيعتها.
فقد أظهرت النتائج، التي نشرت مؤخرا في منشورات الأكاديمية الوطنية للعلوم “بي إن إيه إس” (PNAS)، أنه يمكن لذرات عنصر البوتاسيوم، في ظروف ضغط وحرارة شديدين، أن تعيد ترتيب نفسها لتصبح صلبة وسائلة في آن.
ولغرض التقريب، يمكن أن تتخيل قطعة ثلج مكعبة لكن الماء يسيل منها من جميع الجوانب، في مكعب الثلج يحدث ذلك لأننا أخرجناه من الثلاجة لدرجة حرارة الغرفة ولو تركناه بها لظل صلبا تماما.
أما لو كان مكعبا من البوتاسيوم في تلك الحالة الجديدة من المادة، فإنه سيظل صلبا وسائلا في الوقت نفسه لأن تلك هي طبيعته.
وللوصول إلى تلك النتائج، قام الباحثون من جامعة إدنبرة بعمل محاكاة حاسوبية لفهم الكيفية التي ترتب بها 20 ألف ذرة بوتاسيوم نفسها في حالات الضغط القاسي والحرارة الشديدة، فأظهرت النتائج أن الذرات صنعت هيكلين متداخلين -مع بعضهما بعضا- ومستقرين، أحدهما صلب والآخر سائل.
هيكل مزدوج
ولفهم الأمر يمكن أن نبدأ بحالات المادة الثلاثة التي نعرفها، الصلبة والسائلة والغازية، في الحالة الصلبة تصنع المادة هيكلا مترابطا تقترب ذراته من بعضها بعضا وتترابط بشكل قوي للغاية بحيث لا يمكن لك تحريك أي من تلك الذرات دون تحريك الهيكل كله.
أما في الحالة السائلة فإن الجزيئات تكون أبعد قليلا ولا ترتبط ببعضها بالقوة نفسها، وفي الحالة الغازية تكون المسافات بين الذرات أو الجزيئات شاسعة.
ولكل مادة من المواد التي نعرفها حالة من تلك الحالات، الملح مثلا صلب، والسكر كذلك، أما الماء والزيت فهما من المواد السائلة، والأكسجين الذي نتنفسه أو ثاني أكسيد الكربون الذي نطرده من رئاتنا هو حالة غازية، وفي كل حالة يتوقف الأمر على الهيكل الذي تبنيه الذرات مع بعضها بعضا.
حالات مثيرة
وبحسب الدراسة، فإن الهيكل الذي تتخذه تلك الحالة الجديدة من المادة، والتي تسمى “حالة السلسلة المنصهرة” (Chain-melted state)، يبني نفسه بالطريقتين، الصلبة والسائلة معا، بعض الذرات تترتب بصورة صلبة، والبعض الآخر بصورة سائلة، في المادة نفسه، فكأنما هما هيكلان متداخلان.
في الواقع، فإن تلك ليست فقط الحالة الوحيدة الغريبة للمادة، في الحالة البلازمية مثلا تنسلخ إلكترونات المادة عن الأنوية، وتحدث تلك الحالة في مادة النجوم شديدة الحرارة، أما حالة “السائل الفائق” فتحدث عند تبريد السوائل لدرجة تقترب من 270 تحت الصفر، وعندها تتحرك السوائل دون أي احتكاك أو مقاومة.
ويأمل العلماء أن يساعد هذا النموذج الجديد لفهم طبقات الأرض، مثل الوشاح، لأن ذرات المادة في تلك المنطقة تتواجد تحت ضغط وحرارة مشابهين للنموذج الذي تم بناؤه، ما قد يحسن فهمنا لطبيعة الأرض بشكل أفضل.