نجح باحثون في جامعة تشالمرز للتكنولوجيا السويدية في تطوير نظام طباعة ثلاثية الأبعاد باستخدام حبر قائم على الخشب بطريقة تحاكي التركيب الدقيق أو “البنية الفوقية” الفريدة للخشب.

فقد تمكن العلماء من خلال محاكاة الهندسة المعمارية الخلوية الطبيعية للخشب، من صناعة منتجات خضراء مستمدة من الأشجار، لها خصائص فريدة من نوعها يمكن أن تحدث ثورة في تصنيع المنتجات الخضراء.

وبحسب الدراسة المنشورة في مجلة “أبلايد ماتريالز توداي”، يمكن تصنيع كل شيء من خلال هذه التقنية كالملابس والأثاث واحتياجات التعبئة والتغليف والرعاية الصحية ومنتجات العناية الشخصية.

حبر للطابعات

يتم التحكم في الطريقة التي ينمو بها الخشب داخل النبات الحي عبر الشفرة الوراثية التي تمنحه خصائص فريدة من حيث المسامية والمتانة والقوة الالتوائية.

لكن الخشب له حدود عندما يتعلق الأمر بالمعالجات الصناعية، فعلى عكس المعادن والبلاستيك، لا يمكن صهره وإعادة تشكيله بسهولة، وبدلا من ذلك يجب نشره أو كشطه أو ثنيه لاستخدامه في الصناعة.

العمليات التي تنطوي على تحويل لصنع منتجات مثل الورق والبطاقات والمنسوجات، تدمر البنية الدقيقة الأساسية للخلايا الخشبية. لكن التكنولوجيا الجديدة تتيح للخشب أن يشكل حبرا للطابعات الثلاثية الأبعاد التي تشكّله حسب الشكل المطلوب للمنتج النهائي.

فعن طريق تحويل عجينة الخشب إلى هلام نانوي سليلوزي، نجح الباحثون بجامعة تشالمرز في إنشاء نوع من الحبر الخشبي يمكن طباعته.

وأظهروا نجاحا كبيرا في محاكات عمليات تكوين الخشب في الطبيعة، وقاموا بترجمة وترميز الشفرة الوراثية للخشب وبرمجتها، بحيث يمكنها توجيه الطابعات الثلاثية الأبعاد. وهذا يعني أنه يمكن التحكم بدقة في ترتيب ألياف السليلوز النانوية خلال عملية الطباعة، لتكرار التركيب الدقيق المرغوب فيه للخشب.

اختراق في تقنيات التصنيع

التقدم الآخر في هذه البحوث يتمثل في إضافة الهيميسليلوز -وهو مكون طبيعي من الخلايا النباتية- إلى هلام النانوسيلولوز. يعمل الهيميسليلوز كغراء، ويمنح السليلوز قوة كافية ليكون مفيدا، بطريقة مشابهة للعملية الطبيعية لبناء جدران الخلايا.

يقول البروفيسور بول غاتينهولم -الذي قاد هذا البحث في مركز والنبيرغ لعلوم الأخشاب التابع لجامعة تشالمرز- في بيان صحفي، إن “هذا اختراق في تقنيات التصنيع، يسمح لنا بأن نتجاوز حدود الطبيعة، لإنشاء منتجات خضراء مستدامة جديدة”.

ويضيف أن “تلك المنتجات التي تعتمد اليوم على الغابات يمكن الآن طباعتها بالطابعات الثلاثية الأبعاد في وقت أقصر بكثير، ويمكن استبدال المواد المعدنية والبلاستيكية المستخدمة حاليا في الطباعة الثلاثية الأبعاد ببديل متجدد ومستدام”.

تقنية واعدة

تفتح التقنية الجديدة مجالا جديدا في الصناعة، ويمكننا الآن تصميم المنتجات المعتمدة على الأخشاب وطباعتها حسب الطلب في أقل فترة زمنية.

وكمثال لأحد تلك التطبيقات، طورت مجموعة غاتنهولم نموذجا أوليا لمفهوم التعبئة الإبداعي، حيث طبعوا بنى تشبه قرص العسل، مع وجود غرف بين الجدران المطبوعة، ثم تمكنوا من تغليف الجزيئات الصلبة داخل تلك الغرف. كما طوروا نماذج أولية لمنتجات الرعاية الصحية والملابس.

وحيث إن السليلوز يحتوي على خواص ممتازة حاجزة للأكسجين، فإن هذا قد يفتح الباب أمام طريقة واعدة لإنشاء عبوات محكمة الغلق للمواد الغذائية أو الأدوية على سبيل المثال.