معالجة وتدوير النفايات… تجربة متواضعة وخطط لاستثمارها وتطويرها
رغم أن بداياتها تعود لنحو ثلاثين عاماً لا تزال تجربة معالجة وتدوير النفايات في سورية “متواضعة” بوجود معملين في طرطوس وريف دمشق وثالث متوقف في القنيطرة منذ بداية الحرب لكن هناك خطط لتأهيل واستثمار في البنى التحتية تعد بتحسين الواقع وتطويره وفق ما ذكر مدير مديرية النفايات الصلبة بدمشق وريفها موريس حداد.
وتعود فكرة معالجة النفايات في سورية وفق حداد إلى عام 1990 حيث تم إنشاء معمل في الغزلانية لمعالجة النفايات وتحويلها إلى سماد وكان يغطي محافظة دمشق بالكامل وخلال السنوات العشر الماضية تم توسيعه بأقسام وآلات جديدة لمعالجة النفايات الطبية والخطرة وفرم الاطارات وأصبح يغطي دمشق وريفها تحت اسم (إدارة النفايات الصلبة بدمشق وريفها).
وفي عام 2011 أحدث معمل آخر في طرطوس فيما معمل القنيطرة الذي تتراوح طاقته الاستيعابية بين 15 و20 طناً يومياً متوقف عن العمل منذ بداية الحرب على سورية.
ويبين حداد أن معمل الغزلانية قديم ما استدعى العمل على إعادة تأهيل بنيته التحتية الموجودة وقد تم اطلاع شركات مستثمرة عدة إيرانية وصينية على الوضع العام للمعمل والشروط اللازمة لإقامة محطات معالجة في منطقتي الغزلانية ورخلة حيث يقومون حاليا بدراسة الجدوى الاقتصادية للمشاريع.
أما بالنسبة لمطامر النفايات غير الصالحة للتدوير فهناك أربعة مطامر بريف دمشق اثنان منها قيد العمل وجميعها معروضة للاستثمار وفق حداد الذي يلفت إلى تجهيز البنية التحتية لمطمر رخلة بريف دمشق بشكل كامل تمهيداً لعرضه للاستثمار وهو ذو استطاعة تتجاوز 400 طن يومياً إضافة إلى مطمر الغزلانية الحالي ومطمري منطقة جيرود والرمادان المتوقفان عن العمل.
ووفق حداد توجد 15 محطة نقل نفايات “مكبات” مؤقتة وسيطة موزعة على مناطق ريف دمشق بالإضافة إلى محطة رئيسة ضمن دمشق “مكب الزبلطاني” علماً أن هذه المحطات موضوعة ضمن خطة عام 2020 للتأهيل والاستثمار.
مراحل عمل إدارة معالجة النفايات الصلبة بالغزلانية تبدأ بجمع القمامة ثم فرزها واستخراج ما يمكن تدويره مثل “البلاستيك والنحاس والألمنيوم وغيرها” ليتم بيعه إلى المصانع المهتمة أو استثماره باستخدامات أخرى فيما تحول بعض النفايات إلى سماد عضوي.
ويوضح العامل يوسف محمد علي أنهم يقومون بفرز المواد التي تعوق عملية الطحن كالإطارات والأدوات الحديدية ثم نقل ما تبقى عبر “سير حديدي كهربائي” إلى المطرقة التي تقوم بطحنها وتفتيتها ليصار إلى غربلتها وتخمير المادة الناتجة بعد الطحن لمدة 45 يوماً فتتحول إلى سماد عضوي يستخدم للمزروعات.
ويستفاد من الإطارات والأدوات الحديدية بطريقة مختلفة أوضحها العامل سامر سعيد من قسم فرامة الإطارات: “نقوم بفرم إطارات السيارات التالفة القادمة إلى المعمل سواء من القمامة المجمعة أو من مراكز تصليح السيارات بالتخلص أولاً من الأسلاك الفولاذية والحديدية الموجودة داخل الإطارات وتقطيعها وفرمها ومن ثم تدويرها وعلاجها في مكان محدد حيث يمكن استعمالها فيما بعد في صنع مطبات صناعية للطرقات أو الاحذية وغيرها”.
ويوجد في معمل الغزلانية قسم خاص بالورق التالف حيث يجمع كما أوضح العامل عبد الكريم كريدي ويفرم عبر آلات كهربائية ويعبأ في أكياس ثم يباع إلى معامل الورق التي تقوم بإعادة تدويره وتحويله إلى دفاتر مدرسية وصحون ورقية للمائدة وغيره.
وتخصص إدارة معالجة النفايات الصلبة جزء من نشاطها للتوعية البيئية عبر تنظيم رحلات إلى الموقع لطلاب المدارس والمعاهد والجامعات وتعريفهم على مراحل التعامل مع النفايات وما ينتج عنها من موارد وطاقة.
ويصل إلى إدارة معالجة النفايات الصلبة في الغزلانية ما بين 2800 إلى 3000 طن نفايات يومياً من دمشق وتزداد الكمية أحياناً خلال أشهر معينة لتصل إلى 3500 طن بعد جمعها في السيارات ونقلها إلى مكب النفايات في منطقة الزبلطاني وفق مدير النظافة عماد العلي.
وبين العلي في تصريح مماثل وجود 6000 حاوية قمامة موزعة على كامل مساحة دمشق إضافة إلى 2000 سلة مهملات تم تركيبها على الأعمدة مشيراً إلى التحديات التي تواجه عمل عمال النظافة وتتمثل بزيادة عدد سكان العاصمة جراء الظروف الراهنة ما يتطلب منهم بذل جهود مضاعفة لإنجاز عملهم وسط نقص أعدادهم “والذي وصل للنصف بعد أن كانوا 5800 عامل”.
وتعاني المديرية أيضاً وفق العلي من نقص في الآليات كون أغلبها ذات صنع أجنبي ويصعب صيانتها وجلب قطع غيار لها نتيجة الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية.
علي سلام الذي يمارس مهنة عامل نظافة منذ 13 عاماً ويبدأ يومه من السابعة صباحاً في شوارع دمشق حتى الثالثة مساء حيث يسلم المهمة لزميل آخر عبّر عن أمله أن يغير الناس بعض سلوكياتهم الخاطئة والتي تجعل من عملهم مهمة أكثر صعوبة كرمي القمامة خارج أو قرب الحاويات ورمي الأكياس والأوراق وعقائب السجائر بشكل عشوائي على الأرض.
عامل النظافة خالد الحياني يوافق زميله ويرى أن هناك غياب وعي بيئي لدى الكثيرين كعدم الالتزام بتوقيت رمي النفايات ما يجعل واقع النظافة التامة في جميع الأحياء أمراً صعباً متمنياً تفعيل قانون النظافة بشكل صارم وتعزيز التوعية في المدارس والجامعات وعبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.