من الأنشطة الاقتصادية الواعدة واحد يتمثل في تدوير بقايا السجائر وتمول الشركات المتخصصة في صناعة التبغ هذا النشاط في محاولة لتلميع صورتها لدى حماة البيئة.

صاحب فكرة إطلاق نشاط تجاري حول بقايا السجائر رجل أعمال مجري يسمى ” توم سكيزي”. ومن إنجازاته السابقة إنشاء مصانع تتولى تدوير بقايا العلكة الذي يرمى به في ساحات المدارس أو على قارعة الطريق أو في أماكن أخرى. والمصانع الجديدة التي أطلقها توم سكيزي في القارة الأمريكية أو تلك التي يعتزم إطلاقها في القارة الأوروبية عما قريب متخصصة في تدوير بقايا السجائر. وينتظر أن تنمو هذه المصانع كالفطر في بلدان أخرى تقع مثلا في القارة الإفريقية.

يعرف الناس منذ أمد بعيد مخاطر التدخين على الصحة البشرية. وقد بدأوا يكتشفون شيئا فشيئا أن المواد السامة التي تحتوي عليها السجائر وبقاياها تلحق أيضا أضرارا بالبيئة عبر تسربها إلى التربة وإلى المياه الجوفية. واهتدوا في نهاية المطاف إلى أن مخاطر السيجارة على الصحة تتجاوز حدود الإدمان على التدخين وأنها قد تتفاقم أيضا عبر السلسلة الغذائية.

تعول مصانع تدوير بقايا السجائر اليوم كثيرا على المنظمات البيئية الأهلية كي تساعدها في التقاط هذه البقايا وجمعها قبل تدويرها. ومن المنتجات التي تصنع منها بعد تدويرها مواد تستخدم مثلا لتخصيب التربة وليست فيها عناصر سامة. وتصنع أيضا على سبيل المثال كراس بلاستيكية تستخدم في الحدائق. وتصنع هذه الكراسي من بقايا السجائر وبخاصة من مادة “أسيتات السليلوز” البلاستيكية أحد مكونات تبغ السجائر. ويحتاج صنع الكرسي الواحد منها إلى مائة ألف وحدة من بقايا السجائر.

ولابد بد من التذكير هنا بأن الطيور قد سبقت رجل الأعمال المجري في مجال الاستفادة بشكل عملي من بقايا السجائر. فقد لوحظ لاسيما في الأوساط الحضرية أنها تبني بها جانبا هاما من أعاشها بواسطة بقايا السجائر حتى تتخلص من الأعداء ولاسيما الحشرات الصغيرة التي ترغب في امتصاص دم الفراخ أو التغذي على البيض. وقد اكتشف الباحثون أن بعض مواد بقايا السجائر وبخاصة مادة النيكوتين تنفر هذه الحشرات وتتسبب بالتالي في الحفاظ على التنوع الحيوي.

وهذا لا يعني البتة أن التدخين ظاهرة صحية بل هو شر على الإنسان وعلى البيئة. ولكن الشركات الكبرى المتخصصة في صنع التبغ وتسويقه ترغب اليوم في تلميع صورتها من خلال تمويل أنشطة مصانع تدوير بقايا السجائر مثلما تمول دكاكين ” السجائر الإلكترونية ” التي بدأت تنتشر في المطارات وفي المدن الكبرى منها باريس.