الغاز والنفط الصخريان هما نوعان من المحروقات (أو الهيدروكربورات) يوجدان داخل صخور رسوبية وطينية صماء على مسافات بعيدة في باطن الأرض تتراوح عادة بين ألف وثلاثة آلاف متر، وتُقدر الدراسات أن باطن الأرض يتوفر على احتياطات هائلة منه ربما تغطي 150 عاما من الاستهلاك العالمي.

وتتميز الصخور الحاضنة للغاز والنفط الصخريين بالصلابة وعدم النفاذ، وهذا هو السر في صعوبة استخراج هذه الأنواع من الهيدروكربورات وتميزها عن الأنواع الأخرى التقليدية الشائعة من النفط والغاز.

النشأة

برز هذان النوعان من المحروقات في السوق العالمية عام 2001 ردًّا على تجاوز أسعار النفط مستويات قياسية لم تشهدها مدفوعة بزيادة الطلب على المحروقات في ضوء نمو الاقتصاد العالمي وثبات الإنتاج وعدم قدرته على مسايرة اضطراد النمو العالمي وما يترتب عليه من زيادة مستمرة في الطلب.

ظهر الغاز والنفط الصخريان في الولايات المتحدة، أول مستهلك للطاقة في العالم، عام 2001، وإن كانت الدراسات التي تناولت هذا النوع من النفط قديمة نسبيا، وظل المانع دون استغلاله في عدد من البلدان هو عدم وجود تقنية فعالة لاستخراجه.

بيد أن تقنية التكسير الصخري التي ظهرت في الولايات المتحدة جعلت استخراج هذه الأنواع من المحروقات ممكنة على نطاقٍ واسع وذات كلفة مقبولة مقارنة بالمردودية المالية، وإن كان لاستخراج الغازات والنفط الصخريين آثار مدمرة على البيئة خاصة المياه الجوفية والغطاء النباتي.

الغاز الصخري

غاز غير تقليدي يوجد محصورا داخل صخور صماء مما يجعل استغلاله بالطرق التقليدية مستحيلا، وهو ما يتوجب معه تطبيق تقنيات مختلفة تقوم في أساسها على حفر آبار تمتد على مسافات كبيرة (قد يبلغ عمق البئر ثلاثة آلاف متر) للوصول إلى الصخور الأم من أجل تكسيرها بواسطة تقنية تُسمى التكسير المائي قوامها ضخ كميات كبيرة من المياه الممزوجة بمواد كيميائية عالية رافعة للضغط عبر أنانيب وذلك بغية تكسير الصخرة الأم.

فقوة الضغط الواردة تزيد حجم الشروخ الموجودة أصلا في الصخرة مما يؤدي إلى تكسرها وتدفق جيوب الغاز الموجودة بداخلها.

يتم تصريف الغاز المستخرج عبر أنابيب من الصلب تنقله إلى السطح ليُعبأ مباشرة في المصفاة.

البترول الصخري

هو بترول محتضن في نوع من الصخور الصماء يُطلق عليها الجيولوجيون “الصخور الأم”، وهي في الأصل صخور رسوبية بحرية تحتوي على كميات كبيرة من المواد العضوية، وهو ما أهّلها لإنتاج النفط عبر أزمنة جيولوجية طويلة.

فتأثير الحرارة الشديد والضغط العالي في باطن الأرض يحوّل مع الزمن المواد العضوية إلى نفط يُدفع إلى أعلى تحت الضغط ليستقر في صخرة تُسمى “الجيب”. وتقليديا يجري استخراج النفط من هذه الجيوب، أما الكميات المتبقية في جيوب الصخرة الأم فتُسمى النفط أو الزيت الصخري.

ازدهار

ازدهرت صناعة الهيدروكربورات الصخرية بالولايات المتحدة وباتت تُلبي 12% من حاجة السوق الأميركية. ورغم نشاط الجمعيات البيئية الرامية إلى وقف هذه الصناعة، فإن أعداد منصات الإنتاج لا تنفك تتضاعف، فمقابل عشرات الآبار فقط في عام 2000، بلغ العدد في ولاية داكوتا وحدها أكثر من 9 آلاف عام 2013، ويُقدر العدد الإجمالي للآبار الكفيلة باستخراج احتياطات هذه الولاية بـ40 ألف بئر.

عزوف أوروبي

ما زال إنتاج النفط والغاز الصخري محدودا جدا في أوروبا نظرا للتقاليد البيئية العريقة، فأغلب الحكومات، ورغم حاجتها الماسة إلى مصادر طاقة تُحقق لها الاستقلال الطاقي، لا تستطيع المخاطرة بالإقدام على قرار تشريع هذا النوع من النشاط المعدني الخطير على البيئة، لا سيما وأن بلدان القارة الأوروبية تتميز بصغر المساحات وبالاكتظاظ الديمغرافي، وهو ما يُضاعف مخاطر الضرر البيئي الناجم عن استغلال الغاز أو البترول الصخري.

وقد حاولت الحكومة الفرنسية تجريب تقنيات لاستخراج الغاز الصخري غير التكسير المائي، لكن التجارب لم تُكلل بالنجاح المنتظر، كما أن المؤشرات الأولية أفادت بأن التقنية المجربة لها هي كذلك أضرار على البيئة.

المستقبل

يبدو مستقبل الغاز والبترول الصخريين زاهرا نظرا للطبيعة غير المتجددة للهيدروكربورات وحاجة العالم الماسة إلى الطاقة في وقت ما زالت آفاق الطاقات المتجددة (مائية، وهوائية، وشمسية..) محدودة.

أكثر من ذلك، فإن احتياطات الغاز والنفط الصخريين مغرية جدا وتُنذر بتحول الصناعة البترولية إلى هذا النوع من الاستخراج كبديل عن الاستخراج التقليدي. فالمؤهلات الإنتاجية لاحتياطي الولايات المتحدة وروسيا والصين وحدها تُقدر بأكثر من 150 مليار برميل من النفط الصخري.

أضرار مدمرة

يطرح استخراج الغاز والنفط الصخريين إشكالات بيئية حادة، فتأثير عملية الاستخراج مدمرة في جميع مراحلها، وتبدأ بتسميم الطبقات الداخلية للأرض وصولا إلى الغطاء النباتي والإنسان والحيوان مرورا بالمياه الجوفية وحتى المياه الجارية فوق الأرض، والتي تُشكل مصدر استنزافٍ حقيقي لها. فهذا النوع من الصناعة البترولية يتطلب كمياتٍ هائلة من المياه.

وفي ضوء هذه المعطيات، سنّت فرنسا عام 2011 قانونا يُحرّم ويجرم تصدير واستكشاف الغاز والبترول الصخريين على أراضيها.

وفضلا عن ذلك، فإن بعض التجهيزات المستخدمة في استخراج الغاز والبترول الصخريين تحتوي على مواد مشعة، وهو ما يُشكل خطرا مستديما على البيئة والمحيط ينضاف إلى الأضرار الآنية.