لم يتوقع الكيميائي الفلسطيني إبراهيم سعد أن يقوده خطأ بسيط في تجربة كيميائية إلى ابتكار مادة جديدة قد توفر حلا جزئيا لمشكلة بيئية معقدة يعاني منها العالم منذ سنوات، وتزداد خطورتها بشكل متسارع.

وبينما كان سعد (23 عاما) المتخصص في الكيمياء التطبيقية يعمل في مختبره البسيط داخل منزله بمدينة غزة على تجربة جديدة أوصله خطأ في تفاعل بين مادتين لمادة ثالثة مختلفة عما يسعى إليه ليكتشف لاحقا أنها مادة “بلاستيك حيوي” البديل الطبيعي والصحي لـ “البلاستيك البترولي”.

ويقول للجزيرة نت “كنت أقوم بتجارب لتحضير شرائح (TLC) التي تستخدم في فصل خليط من المواد الكيميائية إلى مكوناتها الأساسية، وكل مرة كنت أغير الوسط الكيميائي مع تثبيت المادة الأساسية وهي “السليولوز” الطبيعي، وأسجل ملاحظاتي، وإحدى هذه التجارب نتج عنها مادة بيضاء جديدة”.

ويضيف: بعد فحص المادة الجديدة اكتشفت أنها بلاستيك حيوي وهي بديل لمادة البلاستيك المصنوع من البترول، إلا أنه قابل للتحلل وحتى لو أكله الإنسان فإنه لا يتسبب له بأي أضرار صحية.

ويرفض الكيميائي الحديث عن جميع مكونات هذه المادة التي يقول إنه أول من ابتكرها بفلسطين، حتى لا يفقد حق براءة اختراعها.

ولكن -بحسب سعد- فإن المكون الرئيسي لمادة “البلاستيك الحيوي” هو السليولوز الطبيعي الموجود في جميع أنسجة النباتات.

ويتميز “البلاستيك الحيوي” بأنه قابل للتحلل، وبالتالي لا يشكل أي خطر على البيئة، وعند حرقه ينتج غاز ثاني أكسيد الكربون، بخلاف البلاستيك البترولي الذي ينتج عن احتراقه غازات سامة مثل أحادي أكسيد الكربون.

وبحسب الكيميائي فإن مادته الجديدة يمكن إعادة تدويرها مئات المرات دون أن تفقد خواصها الكيميائية، كما أنها تقوم بتعقيم نفسها من خلال إطلاق حمض الخليك بتركيز ضعيف جدا لا يمكن ملاحظته بالعين المجردة، ليعمل على القضاء على أي ميكروبات وجراثيم توجد على سطحها.

ولا يحتاج “البلاستيك الحيوي” إلى حرارة لتشكيله لأنه يكون في حالته السائلة بعد تصنيعه، ويحتاج فقط إلى قوالب يوضع فيها حتى يأخذ شكلها عندما يجف.

ويقول سعد “هذه المادة الجديدة لا تشكل أي خطر على البيئة أو الصحة ويمكن استخدامها بتصنيع الأدوات المنزلية، وتغليف الأطعمة، وصناعة ألعاب الأطفال، وبذلك نتخلص من مشاكل البلاستيك البترولي”.

وفي حال تطوير المشروع واستخدام “البلاستيك الحيوي” على نطاق واسع، فإنه سيقلل من النفايات الصلبة بنسبة كبيرة، بسبب الاعتماد الكبير فلسطينيا وعالميا على “البلاستيك البترولي” بممارسات الحياة اليومية، حسب قوله.

ولكن صعوبات كبيرة تواجه مثل هذا المشروع أبرزها -وفق الكيميائي الفلسطيني- عدم توفر مختبرات بمواصفات عالمية لتطوير المادة، إضافة إلى عدم توفر الدعم المادي لتنمية المشروع الذي سيحتاج مبالغ مالية كبيرة لتحسين جودة المنتج.

ويتمنى الشاب الغزي أن يحصل على دعم مادي ليتمكن من تطوير مشروعه وإنتاج “البلاستيك الحيوي” بشكل واسع.

ويقدر الإنتاج العالمي من البلاستيك سنويا بنحو 280 طنا، يتم إعادة تدوير 10% فقط من هذه الكميات، بينما تنتهي كميات هائلة من القمامة الناتجة عن هذا الإنتاج إلى البحار والمحيطات مما يتسبب بأضرار تقدر بحوالي 13 مليار دولار كل عام، بحسب أحدث تقديرات أممية.

ومادة “البلاستيك الحيوي” ليست أول ابتكارات “سعد” فخلال السنوات الماضية تمكن من تصنيع مولد لغاز الأوزون، وجهاز ينقل الكهرباء بدون أسلاك، وآخر يحول الهواء إلى ماء، وثالث ينتج مادة البلازما، إضافة إلى نجاحه في تركيب مادة كيميائية بديلة عن البنزين يمكن استخدامها لتشغيل محركات السيارات.