لا يزال الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون يمثل الإستراتيجية الرئيسية لمعالجة الاحتباس الحراري العالمي بالنسبة للعلماء وصناع السياسات العامة والناشطين في مجال تغير المناخ، ، وإحدى الحلول التي لجأت إليها الأبحاث تمثلت بمحاكاة الطبيعية في قدرتها على التخلص من ثاني أكسيد الكربون.

وبالفعل تمكن الباحثون من تصنيع أوراق اصطناعية تحاكي الأوراق الطبيعية الخضراء في قدرتها على التخلص من ثاني أكسيد الكربون عبر عملية التمثيل الضوئي، وهي العملية التي تستخدم فيها النباتات الماء وثاني أكسيد الكربون من الهواء لإنتاج الكربوهيدرات باستخدام الطاقة من الشمس.

لكن المشكلة التي واجهت العلماء أن تلك الأوراق الاصطناعية كانت لا تعمل إلا في المختبر لأنها تستخدم ثاني أكسيد الكربون النقي المضغوط من الصهاريج.

ومؤخرا، نجح الباحثون في الوصول إلى طريقة لنقل الأوراق الاصطناعية من المختبر إلى العالم الحقيقي، وذلك بفضل تصميم جديد قام به باحثون في جامعة إلينوي في شيكاغو، جعل هذه الأوراق تستخدم ثاني أكسيد الكربون من الهواء، بقدرة تفوق بعشر مرات قدرة الأوراق الطبيعية على تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود.

وقد تم نشر النتائج البحثية التي توصلوا إليها في مجلة الكيمياء المستدامة والهندسة (ACS) يوم 5 فبراير/شباط 2019، وفقا لما ذكر موقع إنترستينغ إنجينيرنغ المعني بالأخبار العلمية.

يقول مينش سينغ الأستاذ المساعد في الهندسة الكيميائية بكلية الهندسة التابعة لجامعة إلينوي والمؤلف المراسل للورقة العلمية المنشورة، إنه كي يتم استخدام الأوراق الاصطناعية في العالم الحقيقي بدلا من المختبر “يجب أن تكون أجهزة تلك الأوراق قادرة على سحب ثاني أكسيد الكربون من مصادر مثل الهواء وغاز المداخن الذي تنتجه محطات الطاقة التي تعمل بالفحم”.

حل المشكلة 

ولهذا اقترح سينغ وزميله أديتيا براجاباتي -المؤلف الرئيسي للورقة العلمية، وهو طالب دراسات عليا في مختبره- حلا لهذه المشكلة عبر تغليف الورقة الاصطناعية التقليدية داخل كبسولة شفافة مصنوعة من غشاء شبه نفاذي من راتنغ الأمونيوم الرباعي ومليئة بالماء.

يسمح الغشاء للماء من الداخل بالتبخر عند تسخينه بضوء الشمس، وعند مرور الماء من خلاله يسحب -بشكل انتقائي- ثاني أكسيد الكربون من الهواء. وتتكون وحدة التمثيل الضوئي الاصطناعية داخل الكبسولة من ماص ضوئي مغطى بالمحفزات التي تحول غاز ثاني أكسيد الكربون إلى أول أكسيد الكربون، والتي يمكن استخدامها كأساس لإنشاء أنواع مختلفة من الوقود الاصطناعي. كما يتم إنتاج الأكسجين، ويمكن جمعه أو إطلاقه في البيئة المحيطة.

يقول سينغ “من خلال تغليف تقنية الأوراق الاصطناعية التقليدية داخل هذا الغشاء المتخصص، فإن الوحدة بأكملها قادرة على العمل في الخارج، مثل ورقة طبيعية”.

ويضيف أن “تصميمنا يستخدم المواد والتكنولوجيا المتاحة بسهولة، والتي يمكن أن تنتج عند جمعها ورقة اصطناعية جاهزة للنشر خارج المختبر، حيث يمكن أن تلعب دورا هاما في الحد من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي”.

ووفقاً لحساباتهم، فإن مصفوفة من 360 من هذه الأوراق الاصطناعية، طول كل منها 1.7م وعرضها 0.2م وتغطي مساحة قدرها 500 مترا مربعا، ستنتج قرابة نصف طن من أول أكسيد الكربون في اليوم، يمكن استخدامه أساسا للوقود الاصطناعي، وستكون قادرة على خفض مستويات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 10% في الهواء المحيط في حدود مئة متر من هذه الأوراق الاصطناعية في اليوم الواحد.