اهتم العلماء ومراكز الأبحاث العلمية منذ عقود بإجراء الدراسات للإسهام في إيجاد حلول تخفف من حدة أزمة المناخ العالمي ومن تركيز ثاني أكسيد الكربون.

ويعتبر العالِم كلاوس لاكنر الأستاذ بكلية الهندسة المستدامة والبيئة بجامعة ولاية أريزونا الأميركية، أول من اقترح التقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء في سياق معالجة تغير المناخ، حيث نشر دراساته في أواخر تسعينيات القرن الماضي بمجلة ساينس الأميركية.

ومن أبرز دراسات لاكنر المنشورة دراسة عام 1995 بعنوان “التخلص من ثاني أكسيد الكربون في معادن الكربونات”، وأيضا المقالة التي نشرت بالمجلة نفسها 1999 بعنوان “استخراج ثاني أكسيد الكربون من الهواء، هل هو خيار؟”.

وفتحت دراسات لاكنر الطريق لعدد من الدراسات الهادفة إلى ابتكار تقنيات وأساليب جديدة للتخفيف من حدة انبعاثات وتركيز الغازات الدفيئة (غازات تزيد من حرارة الأرض).

ومن تلك الدراسات ما نشرته مجلة العلوم الأميركية في عددها الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2000 تحت عنوان “اقتناص غازات الاحتباس الحراري”، التي طرحت خيارات عدة، منها اقتناص ثاني أكسيد الكربون وتخزينه في باطن الأرض والمحيطات أو عزله في مناطق زراعية  في الغابات والأشجار.

تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى فحم

وفي دراسة علمية جديدة نشرتها دورية “نيتشر كوميونيكيشنز” في عددها الصادر 26 فبراير/شباط 2019، توصل العلماء في المعهد الملكي للتكنولوجيا في ملبورن بأستراليا، إلى تقنية جديدة يمكن أن تساعد مستقبلا في إزالة الغازات الدفيئة من الغلاف الجوي، عن طريق امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى مادة صلبة “فحم صخري”.

ووفقا لما قالته صحيفة الإندبندنت البريطانية -في اليوم نفسه- فإن الفريق العلمي الأسترالي تمكن من الوصول إلى هذه التقنية باستخدام طريقة التحليل الكهربائي المعدني للسائل الذي يحول ثاني أكسيد الكربون من غاز إلى جزيئات صلبة من الفحم ومن ثم حقنه في باطن الأرض.

ولهذا الغرض استخدموا جهازا كهروكيميائيا يحتوي على مادة كيميائية محفزة لعملية التحليل الكهربائي، حيث يذاب ثاني أكسيد الكربون فيها، فتعمل المادة الكيميائية المحفزة على ترسيب الكربون ومن ثم تحويله إلى رقائق كربونية صلبة.

وتعليقا على ذلك قال الدكتور المشارك في الدراسة توربين داينك إن هذه الطريقة الجديدة لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مواد صلبة أقل تكلفة، كما أن بوسعها تقديم حل أكثر استدامة مستقبلا، حيث يمكن أن تتم في درجة حرارة الغرفة، أي بأقل استهلاك للطاقة، على خلاف التجارب السابقة في تحويل ثاني أكسيد الكربون التي تتطلب درجات حرارة عالية، وإضافة إلى ذلك فإن التقنية الجديدة يمكن إنجازها باستخدام معدات رخيصة الثمن.

من ناحية أخرى قالت رئيسة الفريق العلمي الدكتورة دورنا إسرافيل زادة إن الفحم الناتج عن هذه التقنية يمكن استخدامه أيضا قطبا كهربائيا يتحمل الشحنة الكهربائية، ليصبح مكثفا فائقا، كما يمكن لهذه العملية أيضا أن تنتج وقودا اصطناعيا -منتجا ثانويا- الأمر الذي يمكن أن يدخل في تطبيقات صناعية.