في الوقت الذي تزداد المخاوف من تناقص إمدادات النفط وما يترتب على ذلك من ارتفاع أسعاره عالمياً، تتواصل الجهود الحثيثة في الولايات المتحدة لإيجاد بدائل طبيعية لتعويض هذا النقص المرتقب تكون أكثر ملاءمة من الناحية البيئية.

ويعتبر الغاز الطبيعي هو أبرز تلك البدائل المتاحة في الوقت الحالي لسد هذه الفجوة، لا سيما في ظل احتوائه على مواد من شأنها تقليل انبعاث غازات الدفيئة، ما يجعله البديل الأمثل كوقود نظيف لمستقبل خالٍ من الانبعاثات الكربونية.

ثراء طبيعي

وتقول مجلة نيوساينتست البريطانية، في تقرير حديث لها، إنه سادت في السابق شكوك حول صعوبة استخدام الغاز الطبيعي كبديل فعّال وعملي للطاقة في أميركا، نظراً لوصول أسعاره إلى مستويات قياسية في السابق، إلا أن الأمور قد تبدّلت. ففي الوقت الراهن، باتت الولايات المتحدة ثرية بالغاز الطبيعي منخفض التكلفة، وذلك بفضل الاكتشافات الجديدة لكميات هائلة من الغاز الطفلي في الأراضي الأميركية. يأتي ذلك في الوقت الذي حظيت الفكرة خبير الغاز الطبيعي الأميركي تي بون بيكنز لتحفيز أجندة الغاز بدعم حماسي من جانب الرأي العام والكونغرس الأميركي.

ولعل استبدال واردات النفط الأميركي بالغاز المنتج محلياً تمنح أمناً أفضل في مجال الطاقة علاوة على الفوائد الاقتصادية.

وهنا يطرح السؤال التالي: هل ذلك هو المسار الأمثل لتقليص انبعاثات الكربون؟ فالغاز الطبيعي، الذي يحتوي بالأساس على الميثان، ربما ينتج عنه كميات من غاز ثاني أكسيد الكربون أقل من النفط والفحم عند الاحتراق، إلا أنه وفقاً لنتائج بحث أجري حديثاً، لا يزال هناك مزيد من الجهد المطلوب فيما يتعلق بغازات الدفيئة أكثر من مجرد الاهتمام بمسألة الاحتراق.

وأوضحت نيوساينتست أنه من المؤكد وجود مزيد من الغاز في الولايات المتحدة بمقادير أكبر مما كانت عليه الحال قبل سنوات. ويتوفر قدر كبير في الطين الطفلي العميق الغني بالمواد العضوية الذي تحول بمرور الزمن من خلال عاملي الضغط والحرارة إلى نفط وغاز. وخلال العقد الماضي، ساعد التطور الحاصل في عمليات التكسير الهيدروليكية شركات الغاز على تكسير الشقوق المفتوحة داخل الصخور التي يتسرب من خلالها الغاز إلى البئر. وبالنسبة لموارد الغاز التقليدية فهي مسامية ولا تحتاج إلى إحداث مثل هذه الشقوق.

وقد ساعدت عملية التكسير على زيادة إنتاج الولايات المتحدة من الغاز الطفلي من مستويات لا تذكر في عام 2000 ليصل الإنتاج إلى 142 مليار متر مكعب في عام 2010، أي ما يعادل تقريباً خُمس الاستهلاك السنوي من الغاز في الولايات المتحدة. وتدرس دول أخرى في الوقت الراهن مسألة استكشاف الغاز داخل الصخور لديها.

 خفض الانبعاثات

وأشارت المجلة البريطانية، في تقريرها، إلى أن التحول إلى استخدام الغاز في الماضي أدى إلى تقليص الانبعاثات. وخلال عقد التسعينات، بدأت بريطانيا بالتحول من الفحم إلى الغاز لتوليد الكهرباء، وخفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في قطاع الكهرباء لديها بنسبة 22% على مدار العقد الماضي. فلا عجب، إذاً، من أن يعوّل بعض المعلقين في قطاع الطاقة على الغاز الطفلي كبديل لتوربينات الرياح، التي ينتقدونها لارتفاع تكلفتها وعدم إمكانية الاعتماد عليها. ويرى مؤيدون لاستخدام الغاز أن فوائده لا يجب أن تقتصر على مسألة توليد الكهرباء.

فقد ابتكر بيكنز ما يسمى بـ خطة بيكنز التي تستهدف استبدال البنزين والديزل في وسائل النقل. يقول بيكنز إنه مع وصول أسعار الغاز الطبيعي المضغوط إلى نصف قيمة الديزل، فسوف يكون من الحماقة عدم استخدامه. وأنفق بيكنز وآخرون مليار دولار في بناء محطات تدار بالغاز الطبيعي المضغوط في الوقت الذي يسعون لحشد تأييد الكونغرس لتمرير قانون لإقرار تقديم دعم المركبات التي تعمل بالغاز الطبيعي.

وفي عام 2009، صدر كتاب التحول الكبير في الطاقة، للملياردير الأميركي روبرت هفنر المعروف بـ أب الغاز الطبيعي العميق، الذي يشير من خلاله إلى أن استبدال البنزين والديزل بالغاز الطبيعي المضغوط في السيارات يخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 30%. ويشكّل تحويل السيارات في العالم بمثابة خطوة كبيرة إلى الأمام لتقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم.