نشرت وكالة الطاقة الأميركية تقريراً مثيراً يلغي كافة الفرضيات القديمة التي تحدثت عن احتمالية نضوب إمدادات النفط، أكدت فيه أن التكنولوجيا الحديثة وما ينتج عنها من طرق حفر واستخلاص للنفط في الولايات المتحدة الأميركية تضع كل التقديرات السابقة في محمل الريح.

فأميركا التي بدأت صادراتها النفطية بالارتفاع بعد ٢٠١٢ بشكل دراماتيكي ستكون خلال سنوات قليلة قادمة أحد أهم اللاعبين الدوليين المتحكمين ربما بمنظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”.

وأحدث تقرير نشرته الوكالة يتحدث عن أن الولايات المتحدة الأميركية في طريقها لإنتاج ما يعادل إنتاج المملكة العربية السعودية في حلول عام ٢٠٢٠ إلا أن التقرير يشير في الوقت نفسه إلى أنها قد تكون قادرة على إنتاج نفس القدر قبل حلول عام ٢٠١٧.

من ناحية علمية فإن السبب الرئيسي لهذه الزيادة في إنتاج الولايات المتحدة الأميركية للنفط هو البدء بإنتاج النفط من الصخور الزيتية بالإضافة إلى إنتاجه من مصادر أخرى مثل الرمل المضغوط بشدة (tight sand gas).

مدير متابعة أسواق البترول في الوكالة الدولية للطاقة، أنطوان هالف، أكد أن نظرية وصول النفط إلى الذروة قد انحسرت حتى إشعار آخر.

وقد كان العالم يعتقد أن الولايات المتحدة الأميركية متجهة نحو النضوب في احتياطاتها النفطية وأنها مضطرة للاعتماد على استيراد النفط بشكل كبير، إلا أن هذا التغير في التكنولوجيا الخاصة بالنفط أعطى الأمل بالاكتفاء الذاتي من الآن فصاعداً.

ثورة في التقنيات العلمية

الاحتياطي النفطي متوفر في الولايات المتحدة منذ زمن بعيد، لكن التقنيات القديمة كانت ترى في عملية استخراج النفط من صخور زيتية أو غيرها مكلفة للغاية وغير مجدية من الناحية المادية، في حين ستوفر التقنيات الحديثة للمستثمرين استخراج النفط بكميات أكبر وأسعار أقل، مما يجعل عملية استخراجه مجدية من الناحية المادية بشكل كبير.

وبدأ بالفعل تطوير حقول جديدة في ولايتي تكساس وداكوتا الشمالية، هذا بالإضافة إلى صخور مونتيري الزيتية في باطن ولاية كاليفورنيا.

ستسمح التقنيات الحديثة لنا أن نستفيد من أنواع محددة من الصخور يكمن بينها نفط لم نكن نستطيع استخراجه من بين طبقاتها، والذي سوف تستخدم لرفعه نفس التقنية التي استخدمت لرفع غاز الأردواز، الذي هو الغاز الطبيعي الموجود في الطبقات الصخرية في باطن الأرض.

أما في مرحلة التنقيب عن النفط فإن هذه التقنيات هي الأخرى باتت أكثر قوة وتطوراً عن قبل، حيث أن بإمكان الجيولوجيين الآن أن يرسموا خرائط لباطن الأرض تبين حجم وكمية بل وحتى نوعية المواد داخلها، فتستطيع أجهزة الحوسبة المتطورة محاكاة ما يكون في داخل الأرض معطية تفاصيل دقيقة عن أماكن تمركز النفط وكثافته في كل مكان.

كما أن الثورة التقنية في أجهزة الحفر التي باتت تستطيع أن تحفر بشكل عامودي وأفقي وفي عدة اتجاهات قد وفرت مناخاً مناسباً للشركات حيث تحفر الشركة النفطية مباشرة باتجاه المنطقة الممتلئة بالنفط.

وتقوم في بعض الأحيان بتفجيرات صغيرة داخل الأرض باستخدام سوائل مخصصة تفتت الحجرات الصغيرة التي يوجد فيها النفط أو الغاز وذلك لتجميعهما في حفرة كبيرة داخل الأرض ثم سحبها إلى خارجها، وهو ما يسمى بالتفتيت.

كل هذه الأنواع من النفط أو الغاز كانت متوفرة في السابق، وكان العلماء يعلمون بوجودها لكن المشكلة كانت تكمن في ارتفاع تكلفة الإنتاج، لكن مع ارتفاع أسعار النفط في الفترة الماضية، بدأت الكثير من مراكز البحث بمحاولة إنتاج تقنيات جديدة لتحدي ارتفاع الأسعار الكبير.

لكن السؤال المهم هو: كم من دول العالم ستصبح قريباً من الدول المصدرة للنفط بعد أن كانت مستوردة وذلك بفضل التقنيات الجديدة؟ وهل ستتغير خارطة الثراء في العالم بعد هذه الاكتشافات؟

المصدر: الجزيرة