أجهزة تدفئة المنزل في الشتاء وتبريده في الصيف من أكثر الأجهزة حاجة للطاقة وهذا ما يجعلها سبباً في استنزاف دخل العائلة ومن المؤكد أنه لا يمكن الاستغناء عن التدفئة شتاء في المناطق الباردة أو التبريد صيفاً في المناطق الحارة, وحتى مع كل الوسائل المتبعة في رفع كفاءة  أجهزة التكييف فما زالت الأكثر استهلاكاً للطاقة في المنازل, ولذا تعد تقنيات استخدام الطاقة الشمسية في التبريد والتسخين الكسول أو السلبي للمنازل مهمة في تقليل فاتورة الطاقة المنزلية, ومما لا شك فيه أن كثير من التقنيات الحديثة هي استنساخ لفنون العمارة القديمة والتي استطاع الإنسان فيها التصالح مع بيئته وإيجاد أفضل الوسائل للحصول على الراحة داخل المنازل في غياب الوسائل الحديثة في التبريد والتدفئة التي اخترعت فيما بعد وحلت مكان تلك التقنيات الطبيعية البسيطة .

التبريد والتسخين السلبي هو غير المعتمد على أجهزة ميكانيكية حيث يتم بطرق طبيعية وبالاعتماد على حرارة الشمس وحركة الرياح وخصائص المواد وبعض القوانين في الفيزياء والكيمياء ويسمى أيضا التبريد والتسخين الشمسي الكسول, حيث يتم تصميم المنزل بطريقة تسمح بامتصاص أكبر كمية ممكنة من حرارة الشمس شتاءا وكذلك فقدان أكبر كمية من الحرارة الداخلية صيفا, ومبادئ التصميم الكسول للطاقة ليست جديدة ولكنها عرفت منذ القدم فقد استفاد المعماريون في كثير من الحضارات القديمة من مبادئ التكييف الكسول للأبنية من خلال التجربة ومراقبة حركة الشمس والرياح طوال السنة, كما قاموا باختيار المواد العازلة للحرارة لتشييد منازل موفرة للطاقة, كما تم تصميم المنازل لضمان حدوث تدوير للهواء مما يضمن التهوية والتبريد داخل المنزل في الصيف باستخدام الهواء الداخل من خلال الشبابيك والفتحات العلوية وغير ذلك من تقنيات.

تلعب مواد البناء دوراً مهما في إنشاء الأبنية ذات الطاقة السلبية أو الكسولة فلا بد للجدران أن تكون من مواد عازلة تحفظ الحرارة شتاءا وتمنع الحرارة العالية من الدخول إلى المبنى كما أن إيجاد أنواع أكثر عازلية من زجاج النوافذ يعد هدفا أساسيا لمصممي هذا النوع من الأبنية وهناك الأسقف العازلة والأرضيات الماصة للحرارة من أساسيات التصميم أيضاً.

توفير الطاقة في الصيف والشتاء

أهم الأشكال المتبعة في تصميم الأبنية ذات الطاقة الكسولة حول العالم

هناك عدة أشكال للبناء السلبي أو الكسول  للطاقة والتي تم تصميمها وإنجازها حول العالم منذ أن عرف الإنسان المسكن الدائم تقريبا واعتمدت جميعها على مبدأ أساسي واحد هو اكتساب الحرارة من الشمس شتاء والاحتفاظ بها أكبر وقت ممكن وتجنب امتصاص هذه الحرارة في فصل الصيف أ و فقدانها في أقصر وقت ممكن, وعلى ذلك يندرج تحت الأبنية ذات الطاقة الكسولة  تلك الكهوف التي حفرت في الجبال بحيث موجهة نحو خط الاستواء للاستفادة من حرارة الصيف شتاءا بينما يتم تغطيتها صيفا بأغصان الأشجار أو بجلود الحيوانات وصوفها, وعلى هذا الشكل تم تصميم بعض الأبنية المحمية بالأرض خاصة في المناطق الباردة, حيث تم إنشاء ثلثي البناء تحت مستوى سطح الأرض لضمان ثبات حرارته بينما زود بواجهة زجاجية موجهة نحو خط الاستواء لضمان الحصول على أكبر قدر ممكن من حرارة الشمس .

الأبنية التراثية في منطقة بلاد الشام أو بلاد المغرب العربي أو مصر كانت فيها العديد من الأفكار التي يمكن إدراجها تحت مفهوم التبريد والتسخين الكسول, فالبهو الداخلي لضمان تدوير الهواء والنوافذ الطولية والتظليل بالنباتات المحيطة أو بالأبنية المجاورة كلها كانت للاستفادة من حرارة الشمس شتاءا أو من التبريد بالهواء صفيا.

طرق التبريد السلبي الحديثة

يتم التبريد السلبي في المنازل الحديثة بإحدى طريقتين :

  • التظليل بالنباتات والأشجار أو بمظلات تراعي زاوية سقوط الشمس صيفا وشتاءا, فالتظليل مفيد جدا في المناطق الحارة والتي تكون فيها حرارة الشمس عالية وتسبب الأذى والضيق لسكان المنزل ويمكن أن يتم التظليل إما بزراعة الأشجار العالية التي تحجب غالبية أشعة الشمس عن المنزل أو عن طريق عمل نوافذ بطريقة ذكية تراعي زاوية سقوط الشمس فمن المعروف أن زاوية سقوط الشمس شتاءا تكون أقل بحيث تكون الشمس أكثر ميلاً نحو خط الاستواء منها في فصل الصيف الذي تتعامد فيه الشمس مع المدار الأقرب على المنطقة الجغرافية التي يتواجد فيها المنزل وإذا تم عمل نوافذ بمظلات تراعي هذه الزاوية فإن كميات الأشعة الشمسية الداخلة إلى المنزل تكون أعلى في فصل الشتاء وهو المطلوب.
  • تدوير الهواء الداخلي في المنزل بما يضمن التخلص من الحرارة الزائدة عن طريق الفتحات العلوية, ويتم ذلك إما بعمل فتحات علوية لإخراج الهواء الساخن وسحب الهواء الأقل حرارة من النوافذ, أو عن طريق عمل بهو داخلي مفتوح أو به فتحات علوية بحيث يتم تسخين الهواء بداخله مما يدفعه للأعلى وبالتي يتم تعويضه من غرف المنزل مما يضمن وجود تيارات هوائية نشطة داخل المنزل ويعمل على تبريده.

طرق التسخين السلبي

  • توجيه المنزل نحو خط الاستواء بحيث يحصل على أكبر كمية ممكنة من حرارة الشمس  التي تسطع دائما من جهة خط الاستواء ولذا يتم تصميم المنزل في بعض المناطق الباردة بشكل طولي حيث تكون واجهته الأطول ذات النوافذ الواسعة باتجاه خط الاستواء مما يساعد على امتصاص القدر الأكبر من أشعة الشمس خلال النهار, ويفضل أن تكون النوافذ طولية وليست عرضية واسعة لأن النوافذ الطولية تسمح بدخول خط شمسي يصل إلى كافة محتويات الغرفة مما يضمن أن تختزن جزء من هذه الطاقة بينما لا يصل الإشعاع الشمسي عبر النوافذ العريضة إلى كافة محتويات الغرفة.
  • الحماية الأرضية والعزل الحراري تهدف الحماية الأرضية للأبنية إلى الحفاظ على الحرارة التي يمتصها المنزل من الشمس نهارا لأطول فترة من الليل وغالبا ما يتم اتباع هذه الوسيلة في المناطق الباردة لأن حرارة الأرض تكون ثابتة في الغالب وتتراوح بين 15-20 درجة مئوية مما يوفر حرارة ثابتة للمنزل في أيام الشتاء الثلجية والتي تتدنى فيها درجات الحرارة إلى مادون الصفر, بينما يتم تزويد المنزل بنوافذ موجهة إلى خط الاستواء للاستفادة من الاشعاع الشمسي, أما فيما يخص العزل الحراري فهو مناسب لجميع البيئات تقريبا وهو مفيد في الصيف والشتاء وفي حالات التبريد الكسول أو التسخين للمباني فهو يحجز الحرارة داخل المنازل شتاءا بينما يمنع الحرارة الشمسية من النفاذ عبر جدران المنزل إلى الداخل وبالتالي يبقى الجو الداخلي معتدلا .

لا يمكن تصميم بناء سلبي للطاقة يصلح لكل الأجواء ويناسب كافة المناخات فكل مناخ يحتاج إلى تصميم خاص للبناء حسب معدلات درجات الحرارة فالمناخات الباردة بحاجة إلى تقنيات التسخين السلبي بينما المناخات الحارة تحتاج إلى التبريد الكسول فيما يتم المزج بين التبريد والتسخين في المناخات المعتدلة.