تُعتبر المخلفات الإلكترونية باب آخر من أبواب التلوث التي لا تُغلق على البيئة والإنسان، فقد الجميع في السابق يعتقد أن أقصى ما قد يصل إليه التلوث سيكون عن طريق المُخلفات العضوية التي تحتوي على قدر أكبر من البكتيريا، لكن مع ظهور الأجهزة الكهربائية والإلكترونية اتضح أن الباب لم يُغلق بعد، وذلك ببساطة لأن تلك المخلفات التي قد تبدو حميدة بالنسبة للبعض تُعد أشد ضرراً من المخلفات الإلكترونية، مع الوضع في الاعتبار أن احتمالية التخلص منها أكبر بكثير من احتمالية التخلص من العضوية، وأيضاً قد يكون التخلص في صورة إعادة تدوير واستخدام جديد لا يقل فائدة عن الاستخدام الأول، عموماً، دعونا في السطور القادمة نتعرف سوياً على كل شيء يتعلق بالمخلفات الإلكترونية وآثارها على البيئة، وهل هي حقًا أكثر خطورة من النوع الآخر من المخلفات؟

ما المقصود بالمخلفات الإلكترونية؟

هناك من يعتقد أننا عندما نتحدث عن المخلفات الإلكترونية فإننا بذلك نعني ما ينتج عن استخدام التكنولوجيا أو الإلكترونات بشكل عام، وهذا في الحقيقة اعتقاد خاطئ، فنحن نقصد تلك المخلفات نفسها، لكن فقط في الوقت الذي تنتهي فيه صلاحيتها وتُصبح بلا فائدة تُذكر، هنا يُمكن أن نُطلق عليها المُصطلح الذي نتحدث عنه، وإذا أردنا أمثلة على ذلك فهناك أجهزة الحاسب الآلي والهواتف، وأضف إلى قائمتك كذلك المخلفات الكهربائية، وهي شاملة لكل جهاز يعمل بالكهرباء، مثل الثلاجة والتلفاز ومعدات الطباعة والتصوير والآلات الكهربائية بشكل عام، كل هذا يُمكن إدراجه تحت مصطلح الإلكترونيات، وكل هذا في حالة انتهاء صلاحيته يُصبح بكل أسف من المخلفات الإلكترونية، لكن لماذا الأسف يا تُرى؟ هذا ما سنعرفه عندما نتحدث أكثر عن تلك المُخلفات، والتي يُشبهها البعض بالإنسان الميت، فهو بلا روح يُصبح بلا حياة أو فائدة، وبالتالي يكون الشغل الشاغل التخلص منه سواء بالدفن أو بأي طريقة ممكنة.

أضرار المخلفات الإلكترونية

تحدثنا عن هذه المواد وقلنا إنها ضارة بالبيئة وبالإنسان، وأنها كذلك قابلة لإعادة التدوير والاستخدام مرة أخرى في صورة أخرى، لكن الأمور لا تؤخذ هكذا ببساطة وسطحية، وإنما يجب علينا أن نعرف تلك الأضرار كي نكون على دراية حقيقية بالمشكلة التي نحن بصدد التحدث عنها، والواقع أن تلك الأضرار كثيرة جداً، لكننا سوف نذكر أهمها وأكثرها تأثيراً، وعلى رأسها بالطبع احتوائها على المواد السامة.

تحتوي على مواد سامة

عندما قال أجددنا قديما أن الزين لا يكتمل لم يقولوا ذلك عبثًا، وإنما كانوا يعرفون فعلًا أنه لا يكتمل، وهذا ما أثبتته لنا أجهزتنا الإلكترونية والكهربائية، فبالرغم من أنها تحتوي على الكثير من الفوائد إلا أنها في نفس الوقت تحتوي بداخلها على المواد السامة التي تكون مُبطنة داخل المكونات الأساسية لها، لكن يُمكن القول إنها تكون قادرة على السيطرة بعض الشيء على تلك الأضرار حتى يأتي الوقت الذي تنتهي فيه صلاحيتها وتُصبح من المخلفات، فهناك تنفلت تلك المواد السامة وتنغمس مع الأشياء الحيوية والهامة بالنسبة لنا، كالماء والهواء، ثم تدخل إلى الإنسان عن طريق الشرب أو الاستنشاق، وبهذا تكون المعاناة مزدوجة وأكثر ألمًا، فأولاً تتلوث البيئة في صورة الماء والهواء ثم يتأذى الإنسان بعدهما!

يصعب التخلص منها

من الأشياء الهامة التي يجب وضعها في الحسبان عند التحدث عن المخلفات الإلكترونية أنه من الصعب جداً التخلص منها، فالنفايات العضوية الأخرى يُمكن بسهولة تعريضها لعملية ترميد النفايات أو حتى دفنها أو إعادة تدويرها بطريقة تضمن عودتها بنفس الصورة القديمة، لكن النفايات الإلكترونية بالذات لا تكون بنفس السهولة، حيث أن الخبراء والمتخصصين يعترفون دائمًا أنها من أكثر أنواع النفايات صعوبةً في التخلص، ولهذا يُعتبر ضررًا سلبيًا لوجودها.

احتمالية حدوث تفاعل

من المحتمل جداً أن يحدث تفاعل ليس محمود بالمرة في حالة جمعنا لبعض المخلفات الإلكترونية في مكانٍ واحد، فهناك مواد داخل بعض الأجهزة تكون منجذبة كيميائياً أو فيزيائياً إلى مواد أخرى، وفي حالة إذا ما تركنا الفرصة مواتية للمادتين بالاجتماع في مكان واحد ولو على سبيل الصدفة فإنه قد يحدث تفاعل يُمكن أن يصل إلى درجة الانفجار، ذلك الانفجار لن يكون هينًا بالمرة، ولهذا يُقال إن المخلفات الإلكترونية في بعض الأحيان قد تكون أخطر من القنابل.

تضر المجتمعات العاملة

هناك دراسات تقول أن المخلفات الإلكترونية تتسبب سنوياً في خروج خمسة بالمئة من المجتمعات العاملة بها، ونحن هنا لا نعني عمال القمامة فقط، وإنما أولئك الذين يُطالبون بالتخلص منها، فالمشكلة الحقيقية تكون في تلك الخطوة الخطيرة التي يجب التعامل معها بحذر شديد وإلا فإن النسبة ستتصاعد وربما لا يكون لدينا عمالة صالحة للتخلص من تلك المخلفات التي تكمن خطورته الرئيسية في عدم شعور الناس بخطورتها الحقيقية، فالبعض يمتلكون حساسية إيجابية تجاه تلك المواد ويظنون أن كل شيء يتعلق بها له تأثير إيجابي ولا يُمكن أن يمتلك أذية بأي طريقة من الطرق.

تُسهم في التلوث الحمضي

بشكلٍ من الأشكال تستطيع المخلفات الإلكترونية أن تفعل أسوأ شيء قد تُريده البشرية منها في يوم من الأيام، وهو هطول الأمطار الحمضية وبالتالي إغمار الأرض بالتلوث الحمضي، فالمخلفات الحمضية في حالة إحراقها بقصد التخلص منها لا تُنتج أي شيء بخلاف السموم، تلك السموم عندما تتصاعد إلى السماء وتشتبك مع السُحب فإنه ببساطة شديدة تجعل الأمطار المتوقع هطولها أمطار حمضية، لا شيء يُنتظر منها سوى الضرر الشديد للماء والهواء والتربة على حدٍ سواء، والحقيقة أننا إذا أردنا حقًا التحدث عن خطورة التلوث الحمضي فسوف نكون في حاجة إلى مئات إذ لم يكن آلاف المقالات، فهي تقريباً المشكلة على طاولة اجتماعات العالم من أجل مستقبل أفضل، لكن ما يعنينا الآن هو التخلص من تلك المخلفات وتأثير عدم حدوث ذلك على الجميع.

كيفية إعادة تدوير النفايات الإلكترونية

الحل في التخلص من المخلفات الإلكترونية ليس بترميدها أو إعدامها، فهذه الحلول قد تبدو سهلة لكنها في نفس الوقت تتسبب في الأضرار السابق ذكرها، ولهذا فإن الحل المنطقي الوحيد يكمن في إعادة تدويرها وتحويلها إلى مواد أخرى صالحة للاستخدام، والحقيقة أن أول خطوة لفعل ذلك أن يتم إنشاء مصانع مهمتها الرئيسية والوحيدة هي استلام المخلفات من المُستهلكين وفرزها لمعرفة كل مادة وما تحتاج إليه، أو قبل ذلك التعرف على كونها صالحة للاستخدام أم لا.

عندما تُرشح المصانع المخلفات وتُقسمها حسب تناسبها مع المصانع الأخرى المُنتجة لها فإنها تقوم بردها إليها مرة أخرى مع الحصول على تكاليف عمليات الفرز هذه، وفي تلك المصانع يتم عزل القطع الصالحة بعد الكشف عن المادة بأكملها، وفي هذه العملية يتم تقليص المُخلفات لأكثر من النصف، وبهذا يكون لدينا مواد يُمكن أن تُستخدم مرة أخرى ويُعاد إنتاجها ومواد أخرى لا يُمكن أن تُستخدم ثانيةً، وطبعًا النوع الثاني يتم إعدامه، لكن بعد أن نكون قد استفدنا من النوع الأول.