تُعتبر عملية إعادة تدوير الماء أحد أهم العمليات الحيوية التي بدأ العالم في تنفيذها بالآونة الأخيرة كمحاولة جدية لإعطاء أمل حقيقي للبشرية، فنقصان معدلات مياه الشرب من الآفات الكبرى لهذا الكون والأسباب الرئيسية التي تُعجل بإنهائه، لأن الماء ليس مجرد سائل بلا لون، وإنما هو عصب الحياة والسبب الأول فيها بعد عناية الله، ولقد جرت محاولات إعادة تدوير الماء على عدة مراحل، وشملت تلك المحاولات كل أنواع المياه المُستخدمة لأي غرض كان، لذلك، دعونا في السطور الآتية نتعرف على عملية إعادة تدوير الماء وهل تمنح أملًا للبشرية حقًا أم لا؟

الماء والحياة

قبل التحدث عن عملية إعادة تدوير الماء نحن بحاجة بالتأكيد إلى التذكير بعلاقة الماء بالحياة، ونقول فقط التذكير لأنه من المستحيل أن يكون هناك وجود لشخص لا يعرف أهمية الماء بالنسبة لحياة الإنسان، بل إننا لا نُعد مُبالغين إذا اعترفنا بأن الماء هو الوجه الثاني لعملة الحياة.

يدخل الماء في كل شيء يتعلق بحياة الإنسان، بدايةً من المهمة الأساسية وهي الشرب، مروراً بالسباحة والترفيه وانتهاءً بمهمة لا تقل أهمية عن كل ما سبق، وهي الاستخدام في الزراعة، فالأرض والماء بالأساس يُكملان بعضهما، بمعنى أدق، اعطي الأرض ماء وانظر إلى ما قد تفعله به، لكن، مع كل ما سبق لا يجب أن ننسى بأن قلة نسبة الماء المتواجدة مع زيادة أعداد البشر تُعد بمثابة تهديد للحياة بأكملها، لذلك كان لابد من ابتكار طرق جديدة لإحياء الأمل من جديد في النفس، طريقة مثل إعادة تدوير الماء مثلًا.

إعادة تدوير الماء

المقصود بعملية إعادة تدوير الماء أن يتم جلب الماء المُستعمل لأي غرض من الأغراض وتنقيحه وتأهيله للاستخدام من جديد، شريطة أن يضمن ذلك التأهيل إعادة الخواص الكيميائية إلى ذلك الماء من جديد.

تُعتبر عملية إعادة تدوير الماء من أهم العمليات الحيوية كما ذكرنا، وذلك لأنها ببساطة تتعلق بأهم شيء يخص الإنسان على هذه الأرض، والحقيقة أن فكرة إعادة تدوير الماء المُستعمل لم تكن مطروحة بالمرة قبل فترةٍ قريبة، وتحديداً قبل الحروب العالمية التي اشتعلت خلال القرن المنصرم، لكن بعد انتهاء الحروب بدأ البشر يُفكرون في الحياة وطرق المحافظة عليها من جديد.

بداية تدوير الماء

بدأت فكرة إعادة تدوير الماء بعد انتهاء الحروب العالمية التي جرت خلال القرن الماضي، فالإنسان بعد هذه الحروب لم يعد يؤمن بالصُدف، وإنما صار على نهج الدراسة والتحليل، وبدأ في السعي الحثيث نحو إبراز كافة المشاكل التي تُهدد حياته، التي نجا بها من الحروب، وذلك من أجل القضاء عليها، وكانت كافة الدراسات تُشير بيد من الحديد إلى الماء.

إعادة تدوير الماء بدأت كمشروع صغير على الطاولة، ثم أخذ يكبر شيئاً فشيئاً حتى أصبح مشروعاً قومياً يُهدد الأمن العالمي، وقد وُضعت مع دراسة جدوى ذلك المشروع بعض الطرق التي يُمكن من خلالها ضمن نجاح الأمر برمته، بمعنى أدق، تم وضع خط سير وخطوات تنفيذ لمشروع إعادة تدوير الماء.

خطوات إعادة تدوير الماء

معالجة المياه المستعملة، أو إعادة تدوير الماء، أو تكرير الماء، كلها أسماء للعملية التي يمر بها الماء المُستعمل الغير نظيف حتى يُصبح قابلًا للاستخدام مرة أخرى، والحقيقة أن تلك العملية في الغالب تتم من خلال ثلاث خُطوات تُسمى خطوات عملية إعادة تدوير المياه.

علاج الملوثات، المرحلة الأولى

أول خطوات عملية إعادة تدوير الماء هي علاج الملوثات الموجودة بها مثل الحجارة والمواد الصلبة وغيرها من المواد الفيزيائية، وبالطبع نحن نعرف أن تلك المواد تتسبب في تغيير أشياء تقع ضمن خصائص الماء مثل اللون والطعم والرائحة، عموماً، تحدث هذه المهمة بعدة طرق منها الغربلة والترسيب واستخدام المواد الغازلة، وللعلم، يُمكن أن تتسبب هذه العملية في عدة مشاكل بالأنبوب أو الشيء الذي يتم نقل فيه الماء بوجه عام، وتعتمد المرحلة الثانية بشكلٍ كبير على نجاح المرحلة الأولى، لذلك يجب بذل قصارى الجهد بها.

المعالجة البيولوجية، المرحلة الثانية

في المرحلة الثانية من مراحل إعادة تدوير الماء، والتي تُسمى بالمعالجة البيولوجية، يتم تعريض الماء القابع تحت عملية التدوير للهواء، وذلك للتخلص من المواد الضارة مثل المواد العضوية، والتي تكون مُترسبة في الماء، والحقيقة أن تعريض الماء والهواء يؤدي إلى تنشيط البكتيريا التي تُخلّص من المواد العضوية المذكورة، كما أن هناك أسلوباً آخر يتم استخدامه في المعالجة البيولوجية، وهو أسلوب التركيد، حيث يعمل على ترسيب الميكروبات، والتي تكون متغلغلة بالماء.

إدخال المواد الكيميائية، المرحلة الأخيرة

في المرحلة الأخيرة من مراحل إعادة تدوير الماء يتم إدخال المواد الكيميائية إلى الماء، والذي يكون قد مر بالخطوتين السابقتين وحدث له اللازم من معالجة بيولوجية ومعالجة للملوثات، ففي هاذين المرحلتين يكون الماء قد نُزع منه كل الأسباب التي أدت إلى تلويثه، أما الخطوة الثالثة فهي التي يتم فيها إعادة خواص الماء وصفاته من جديد، والحقيقة أن تلك الخطوة تُعد الخطوة الأهم، فالماء بعد أن يمر بالمرحلتين السابقتين يكون غير مُجهز بعد للاستخدام، لكن ما أن تتم المرحلة الثالثة يكون الماء قد عاد إلى طبيعته مرة أخرى، أو المُفترض أن يحدث ذلك، على كلٍ، تُعتبر هذه المراحل الثالث هي المراحل الرئيسية في عملية إعادة تدوير الماء، مع العلم أنه قد تكون هناك مراحل أخرى فرعية غير ثابتة.

أنواع المياه المُستخدمة

المياه المستخدمة في عملية إعادة تدوير الماء هي كل قطرة ماء تم استخدامها ويُعتقد أن ذلك الاستخدام قد أفسدها وأفقدها خواصها، وبالتالي نحن أمام عدة أنواع من المياه، أهمها مياه الصرف، ولا يجب التعجب أبداً من استخدام مياه الصرف مرة أخرى، إذ أننا إذ راجعنا المراحل التي تمرّ بها فسنجد أنها تتغير تماماً ولا تُصبح على الحالة التي كانت عليها.

مياه مخلفات المصانع ومياه الغسيل ومياه الأمطار الحمضية، كل هذه أنواع من المياه يُمكن استخدامها في عملية إعادة تدوير الماء، ولكي نُسهلّ الأمر، دعونا نتفق أن أي نوع من الماء يُمكن أن يمر بالمراحل الثلاث السابقة للتدوير فهو ماء يصلح للاستخدام مرة أخرى، وعموماً، الأهم من معرفة أنواع المياه المستخدمة في عملية التدوير معرفة الهدف من العملية نفسها.

فائدة تدوير المياه

قد يقول البعض أن عملية تدوير الماء عملية عبثية لا طائل منها، وذلك بزعم أن المياه لها مصادر كثيرة ومتوفرة في كل مكان تقريباً، وهذا بالمناسبة أمر صحيح، ولكن، هل يعلم هؤلاء أن الماء الموجود حسب الدراسات والإحصائيات لا يكفي سوى لمدة مئة عام فقط؟ هل يعلم هؤلاء أن نسبة الأمطار تقل من عام إلى عام، وأن العثور على الآبار والعيون أصبح أمر أصعب ما يكون، بالطبع لا يعلمون، لذلك يجب أن يعترفوا ويُسلموا بأهمية عملية إعادة تدوير الماء ودورها في منح أمل جديد للحياة.