
تحويل القمامة إلى طاقة بديلة
يسعى أستاذ جامعي سوري إلى نقل التجربة الصينية الرائدة في مجال تحويل القمامة إلى طاقة كهربائية أو حرارية إلى بلاده، ويستند مشروع الدكتور المهندس محمد عيد على تحويل النفايات المحلية والصناعية الصلبة إلى كهرباء أو حرارة لاستخدامهما في أغراض المعالجة الصناعية وأنظمة التدفئة المركزية.
ويؤكد عيد، المحاضر في جامعة بكين الصينية للتكنولوجيا على أن مشروعه صديق للبيئة وقليل التكلفة نسبيًا حيث يتطلب استخراج الطاقة من القمامة درجات حرارة مرتفعة لتوليد البخار الذي يشغل بدوره توربين لتوليد الكهرباء.
ويشير عيد إلى أن مشروعه يسهم في التخلص من القمامة والإدارة المستدامة لها عبر إعادة التدوير واسترداد الموارد ذات القيمة.
ويساعد المشروع على التقليل من الاعتماد على الوقود الأحفوري، إذ يُصنَّف ثلثا النفايات المنزلية على أنها وقود حيوي محايد على شكل ثاني أكسيد الكربون.
ويهدف المشروع أيضًا إلى إعادة استخدام 90% من المعادن الموجودة في رماد القاع، واستخدام مخلفات الاحتراق المتبقية في مواد تمهيد الطرق، ما يسهم في تجنب انبعاثات غاز الميثان من مدافن القمامة، وموازنة معدل انبعاثات الغازات الدفيئة (GHG) الناتجة عن إنتاج الطاقة باستخدام الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى إعادة تدوير المعادن.
ويمتاز المشروع باستخدام مساحة أقل من الأرض لكل ميجاواط، مقارنةً بمصادر الطاقة المتجددة الأخرى، وتدمير النفايات الكيميائية، والقضاء على أكسيد النيتروجين (NOx) والديوكسين.
ويقول عيد إنه تواصل مع مهندسين سوريين عاملين في القطاع الحكومي في محاولة لنقل التجربة إلى سورية، ومن خلال تعاونه مع شركة صينية، نجحت خلال الثمانية عقود الماضية، في توريد أكثر من 500 موقد احتراق إلى مختلف أنحاء العالم.
ويضيف إن المحطات الحديثة المتخصصة في مجال تحويل النفايات إلى طاقة تتمتع بأقل مستوى من الانبعاثات في جميع القطاعات الصناعية وفي الحقيقة، يمكن تأكيد أن الانبعاثات الصادرة عن منشآتنا صحية أكثر حتى من الهواء الذي نتنفسه في العديد من المدن.
ويتابع إن المشروع يسعى / للبحث عن طرائق تقلل من الانبعاثات والرواسب بنسبة 100% وفي مقاطعة غواندونغ جنوب الصين وحدها، يتم تحويل 50 طنًا من النفايات إلى طاقة ذات قيمة، ما يمد 27 مليون نسمة بالكهرباء فيها. ولكن ما زالت نسبة 50% من النفايات المحلية الصلبة تدفن في مدافن النفايات، ما يؤدي إلى إطلاق غازات الاحتباس الحراري مثل الميثان الذي تزيد قوته 21 مرةً عن ثاني أكسيد الكربون في حين تحاول تقنيتنا تحويل النفايات إلى طاقة مع التخلص من هذه الانبعاثات/.
ويؤكد عيد على أن المشروع يعمل على ضمان تلبية الاحتياجات المتعلقة بإنتاج الطاقة، والتقليل من الآثار البيئية، وتحقيق أعلى فاعلية من الطاقة وبأقل منتجات ثانوية؛ ولقد شارفنا على تحقيق هذا الهدف.
وتوفر مواقد الاحتراق المستخدمة في المشروع تدفق النفايات بما يضمن التجفيف والاشتعال والاحتراق وإطلاق الطاقة والحرق الكامل قبل خروج رماد القاع.
ويعتمد تبريد المواقد على نظام التبريد بالماء، أو نظام التبريد بالهواء، وفق تصميم فني يقلل من مشاكل التلف ويضمن تصميم المواقد عدم الاحتكاك بين أنابيب الموقد، ويقلل من تأثيرات القوى الميكانيكية، كما يقلل من الحاجة إلى قطع الغيار عبر احتراق جميع أنواع النفايات غير المعالجة، والقدرة على الدفع المشترك للوقود الحيوي، ودفع الوقود الموجود بالقاع بما يضمن عملية احتراق موحدة وفعالة.
ويمتلك الموقد المزود بنظام تبريد الماء، قوة تحمل عالية أثناء احتراق النفايات بدرجة حرارة عالية، بما يتلاءم ونوعية النفايات التي تحتاج لدرجة حرارة عالية للاحتراق.
ويسعى المشروع إلى تحديث المواقد، عبر تطوير ألواحها، ما يسهم في انخفاض تكاليف الصيانة، وانخفاض انبعاثات المواد الضارة وزيادة معدَّلات استرداد الطاقة، والتوزيع الجيد للهواء والاستهلاك المنخفض للطاقة، وتخفيض زمن التوقف عن العمل.
يُذكر إن تقنية تحويل النفايات إلى طاقة جرّبت بنجاح في دول عدة حول العالم، بعد أن أثبتت كفاءتها الاقتصادية والبيئية ووفقًا لتقارير اقتصادية، فإن دول أمريكا اللاتينية يوجد فيها حوالي 100 محطة عاملة، وتعمل في القارة الأوربية حوالي 500 محطة، فضلًا عن 1600 محطة تعمل في القارة الآسيوية.
وللدول الأوربية تجارب رائدة في التعامل مع القمامة، إذ سبق أن عمدت دول أوربية عدة إلى تدوير القمامة وتحويلها إلى سماد، وتتوقع تقارير أن يتحول نصف القمامة في أوربا مستقبلًا إلى وقود سائل أو وقود غازي، عن طريق الاحتراق، لتبقى مساعي استخلاص الطاقة من القمامة الصلبة خياراً مشجعاً للمدن الكبيرة، في ضوء قلة المساحات المخصصة للردم والكلفة العالية لنقل القمامة.
واستفادت دول صناعية عدة عملية حرق الفضلات كطريقة فعالة لإعادة الحرارة، لاستخدامات التدفئة وتوليد الطاقة الكهربائية، واستخدام الرماد في التشييد والبناء، مع مراقبة دقيقة لانبعاثات الغبار والحوامض والمعادن والمواد العضوية.
المصدر: مرصد المستقبل